13 سبتمبر 2025

تسجيل

مسرحية هزلية

16 أكتوبر 2023

تتصاعد من رأسه رائحة بلاستيك محروق. لن يتصالح مع فكرة أنه ليس أكثر من رقم صغير من خانة واحدة في العالم الرقمي. كيف يقف على الحياد التام بين حياة المترفين وحياة المسحوقين. أو يحاول التعامل مع الظروف بجدية بينما ترميه بعباراتها الساخرة. أو يواصل انتظاره لحدث عابر ومفاجئ يحقق له مجداً لم يكن يتوقعه. لكنه يتمناه في وقت تكاد تكون فيه الحكمة عديمة الجدوى. والفلسفة حالة ترف، والدموع مشروع زجاجة عطر، والجرحى المكسورين مجرد لقطة عابرة في قناة تلفزيونية وخبر جانبي في منصة إخبارية، أو سنابشات، حين تفقد غلالة الشجن وهجها ومهابتها. جمال الحزن وجلاله المفقود. الشعر المكلل بالحنين والحب. وقوس الربابة المقطوع في قلبه. يشي أن ليس له أمام عواطفه المدمرة. سوى أن يقدم على قتل ما يعشقه. يطلق الرصاص على الحصان الذي يركبه. ويترجل مثل فارس مهزوم غير قادر على ممارسة لذة الحياة ولذة الفن. أو لذة الحنين. لم يعد التعبير عن إحساسه سوى مسرحية هزلية رديئة. عندما يتحول إلى ممثل يجيد التنكر والتجسيد. ويقف على قارعة مهرجي الحزن. يرفع يده مثل شرطي مرور في نقطة تقاطع العلاقات الفاترة بين الحب والعبث، والعشق والمجون، والشوق واللهو. لم يكن مجرما. لكنه فقد كل أدلة براءته! لم يعد بإمكانه ممارسة حق الهواء والشمس. من العدل والطبيعي أن يتألم مثل كل الناس. لكن الألم المضاعف ان تكون الآلام لامعنى لها! من شرفة المنزل يرمي العالم بكل الكتب التي جمعها على مدار السنين يصفع بها المارة. فتتطاير صفحاتها في الفضاء. يضع يديه في جيبي بنطاله.. يمشي في الطريق الطويل المحاذي للسوق. يركل بقدمه مايصادفه في دربه من علب كولا، اكياس فارغة، قناني مياه ويصفّر محاولا ملاحقة ذكرى لحن مسروق لطفولة مزيفة. في اللحظة التي عليه أن يقرر: هل يقوم بإنعاش أحاسيسه لتعيش، أم يخنقها كي تموت؟.