18 سبتمبر 2025

تسجيل

صندوق النقد الدولي وأجندته الشاقة

16 أكتوبر 2022

مع العودة لعقد القمة السنوية لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي بصورة طبيعية، بات التعاون الوثيق بين القيادات المالية العالمية أكثر أهمية من أي وقتٍ مضى. وفي الفترة بين عامي 2020 و2021، حلت الاجتماعات التي عُقدت عبر تقنية الفيديو محل الرحلات الجوية الطويلة، بعدما تكيف العاملون في قطاع التجارة والأعمال مع الاجتماعات التي تُعقد عبر الإنترنت أثناء فترة الإغلاق. وقد سافرت خلال الشهر الحالي لحضور القمة السنوية لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي في العاصمة الأمريكية واشنطن، التي عُقدت حضوريًا لأول مرة منذ مرحلة ما قبل اندلاع جائحة كوفيد-19. وشاركت كذلك في فعاليات الاجتماع السنوي لأعضاء معهد التمويل الدولي، الذي عُقد في واشنطن خلال الأسبوع نفسه. ويواجه قطاع الاقتصاد في العالم مجموعة هائلة من المشاكل والتحديات الصعبة، مع تشابك الضغوط الجغرافية السياسية والاجتماعية والبيئية في كثير من الأحيان. وينعكس ذلك في الأجندة الإنسانية والبيئية، حيث تناولت جلسات النقاش في المؤتمرين مواضيع مثل الإدماج والاستدامة، بالإضافة إلى التضخم وإعادة هيكلة الديون. وبصفتي من المصرفيين الذين يحرصون على المشاركة بانتظام في تلك المؤتمرات، فإنني وجدت نفسي أتساءل حول الفوائد العملية للمشاركة في تلك المؤتمرات ومزايا حضورها. وتوصلت إلى أن هناك ثلاث فوائد رئيسية لحضور تلك الاجتماعات من بينها الفوائد التعليمية المتمثلة في المعارف والخبرات التي يكتسبها الفرد من تفاعله مع نخبة من المتحدثين المتميزين، فضلا عن التعرف على التكنولوجيا الجديدة وتطبيقاتها، أو الأدوات المالية الجديدة، بالإضافة إلى اكتساب رؤى من كبار صانعي السياسات. وتساهم هذه الاجتماعات أيضًا في توطيد علاقات الصداقة والعمل الراسخة، حيث توفر فرصةً نادرةً لكبار المدراء التنفيذيين للبنوك العالمية تتيح لهم إمكانية الاجتماع في مكان واحد، وهو ما يساعدهم على تعزيز العلاقات الاستراتيجية الرئيسية. وتوفر الاجتماعات كذلك فرصةً لإقامة علاقات جديدة والتعرف على فرص الأعمال المحتملة التي قد يرغب الفرد في متابعتها. ولا تتيح مثل هذه الاجتماعات إمكانية وجود وقت محدد للتفاوض على صفقة خلال الأسبوع نفسه، ولكن قد تكون هناك فكرة مجدية وواعدة يمكن متابعتها لاحقًا، مثل تعزيز التعاون في مجال التمويل التجاري، أو إصدار سندات في سوق جديدة. وبينما يمكن أن يمثل حضور مؤتمر عبر تقنية الفيديو بديلاً جيدًا للأغراض التعريفية، فإنه لا يُعدُ الخيار الأفضل لتوطيد العلاقات والتواصل. وخلال مؤتمرات القمة السنوية لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي، يحضر الفرد اجتماعات طوال ساعات استيقاظه تقريبًا، حيث تُعقد اجتماعات على مأدبة الإفطار، بالإضافة إلى حفلات استقبال مسائية، بما في ذلك حفل استقبال البنوك القطرية، الذي شهد حضورًا رفيع المستوى من المصرفيين العالميين، واهتمامًا كبيرًا بالاستثمار في الاقتصاد القطري، وثناءً على نجاح الاستراتيجية المالية والاقتصادية للدولة. وهناك اجتماعات لتناول القهوة واجتماعات على مأدبات الغداء تُقام على مدار اليوم. ويمكن أن تكون هذه الاجتماعات مرهقة، ولكنها مفيدة من الناحية المعرفية والتجارية. ونظرًا للضغوط المتزايدة بفعل الأزمات الناجمة عن ارتفاع تكلفة المعيشة في جميع أنحاء العالم، والصراعات العسكرية والضغوط البيئية، لم يكن هناك وقت أكثر ملاءمة للقيادات المالية العالمية للعمل معًا بشكل وثيق من أجل التوصل إلى ردود فعل ناجعة من هذا التوقيت. ومن بين الأزمات المستجدة التي طرحت للنقاش في واشنطن مشكلة القدرة على تحمل الاقتصادات الناشئة للديون الحكومية، التي تفاقمت بسبب الحرب في أوكرانيا وارتفاع أسعار الفائدة. وسوف أتناول هذه القضايا المترابطة في مقالتي التالية.