20 سبتمبر 2025
تسجيلتزداد مظهرية المجتمع يوماً بعد آخر، ويزداد نمط التقليد فيه عاماً بعد آخر، وتزداد خطى التكلف والمبالغة فيه بوتيرة غير مسبوقة في تاريخه. الأسباب المادية في ذلك كثيرة ومتعددة، ولكن أود أن أركز على سبب معنوي مهم يجب التنبه له وهو فقدان المجتمع لثقته في نفسه، وفي أحقيته في الوجود كما هو موجود وبإمكانياته. قيمة الإنسان في تفرده وبما يملكه من إمكانيات؛ لا قيمته في التحاقه بالآخرين تكلفاً دونما وعي أو إدراك بالفروق الفردية والاختلافات الجوهرية الذاتية أو الموضوعية في المجتمع. هذه المظاهر الكاذبة لا تدل على صحة بل تشير إلى مرض اجتماعي يتسلل داخل شرايين المجتمع. هذه المزايدة في الاحتفال بالأعراس والمبالغة في الإنفاق، هذه الحفلات والولائم التي لا تدل إلا على شذوذ تفكير حتى وإن كانت بعد ذلك ترسل إلى من يحتاجها كما يقول البعض، إلا أن الهدف الأساسي منها هو جوهرها الذي يُحكم به عليها. لماذا يتحول مجتمعنا إلى مجتمع مظاهر لا تدل على إنسانية بل تدل على نفاق إنساني يسىء إلى الإنسان؟. لماذا يُدفع بالضعيف لكي يساير المقتدر لكي لا يسقطه المجتمع من حساباته؟ أين كنا قبل عقدين أو ثلاثة عقود من كل هذا؟ ألم نكن في حالة متوسطة يعرف بعضنا الآخر؛ ليس بثروته وإنما بقناعته ومشيه في الأرض هوناً؟. ألم يكن هناك أغنياء، نعم كان هناك أثرياء حقاً، وثراؤهم حقيقي حينما يرتبط الثراء بموازينه الحقيقية المادية والمعنوية يظل في أفق إنساني، من ناحية أخرى، أين نحن الآن من كل ما يحدث من حولنا؟. الجوع يفترس مجتمعات، والقتل يفتك بأخرى، والمرض يفني بما تبقى، مجتمعات كبيرة وأكثر ثراء منا وأكثر تعليماً وانضباطاً من مجتمعنا؛ ألا نعتبر؟. مجتمعنا في اعتقادي وصل إلى مرحلة متقدمة من ظهور هذا المرض الاجتماعي "حب المظاهر" ومع زيادة السيولة الريعية سيظل يتطور ويتفاقم والتقليد الأعمى سيزداد حتى لتجد جميع نشاطاته ليست سوى نسخ متكررة يختفي معها جوهر الإنسان الحقيقي. أنا أعتقد أن على الحكومة مسؤولية كبيرة في الحد من استرسال المجتمع اللاواعي في التقليد واللجوء إلى المظاهر طالما ليست هناك نخب وطنية فاعلة تعمل على كسر هذا النسق بالمبادرة بعمل ترشيد في معظم ما نراه من سلوكيات اجتماعية مبالغ فيها. نعم على الحكومة أن تضع قوانين تحدد فيها شروطاً موضوعية لحفلات الزفاف وللمهور ولأوقات هذه الحفلات، ولمعظم المناسبات الاجتماعية. لم يعد الوضع المادي ولا المعنوي يسمح بذلك في دولة أصبح نظام المرور فيها خانقاً حتى سنوات قادمة. إذا فقد المجتمع رشده فإن أوضح عنوان للحكومة في عالمنا العربي وليس في مجتمعنا فقط على مر العصور هو كونها "رشيدة". من الأهمية تشكيل لجنة أو لجان لمحاربة الظواهر الاجتماعية السلبية في المجتمع وفي مقدمتها: المبالغة في المناسبات الاجتماعية؛ وحصر الطبقات الطفيلية من التطاول على سلوك المجتمع بفعل امتصاصها للثروة دون جهد. ظاهرة"الزبو" كما نسميها سابقاً أو "المهايط" كما تسمى بعد اختلاط الألسن يجب أن تتوقف، فأنت لست سوى جهدك وما تقدمه. [email protected]