21 أكتوبر 2025
تسجيلمن الطبيعي أن تسود حالة من الارتباك والتوتر السياسي للسعودية بعد أن كشفت التحقيقات التركية الأولية عن تورطها في جريمة اغتيال الصحفي السعودي جمال خاشقجي، ولكن من الصعب تفسير الصمت المُطبق لصناع القرار السعودي الذي يوحي بأن هنالك مداولات ومناقشات يبدو أنها تُريد أن تخرج من هذه الأزمة بأقل الخسائر!! السلطات التركية أبدت انزعاجها الكبير لتجاهل السعودية لمطالبها في قطع شوط طويل في مسار التحقيقات رغم اتفاقهم على تشكيل لجنة تحقيق على أعلى المستويات ومع وصول الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكة وموفد الملك لتركيا من أجل إيجاد حل لهذه المشكلة التي وضعت السعودية نفسها من خلالها في مجابهة ضغط من المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان الدولية ووسائل الإعلام العالمية التي تُطالب وبإصرار معرفة مصير خاشقجي. ورغم أن السعودية تعرضت إلى نقد شديد للغاية من وسائل إعلام عالمية مؤثرة إلا أن أقصاها وأشدها هجوماً على الإطلاق وبنفس المنطق والأسلوب الصحف البريطانية التي أفردت صفحاتها لشن حملة قاسية على ولي العهد السعودي، من أبرزها ما تناولته صحيفة التايمز التي عنونت غلافها بمقالة الكاتب مايكل برلي ( أيام الأمير السعودي الشاب معدودة، والآمال المعقودة عليه كمصلح يداوي جراح المنطقة تُسفر عن لا شيء) ويقول برلي: إنه في بداية الأمر جاء الضجيج الإعلامي مع إهدار الملايين على شركات العلاقات العامة وجماعات الضغط للترويج للجولة الدولية لولي العهد السعودي محمد بن سلمان في مارس الماضي، الذي يُنظر إليه أنه الرجل القوي رغم عمره البالغ 32 عاماً. ويقول برلي: إن مبادرات ولي العهد السعودي أضرّت بالسياسة الخارجية السعودية، فالحرب في اليمن المجاور التي دخلت عامها الرابع مستنقع من صنع محمد بن سلمان، ويضيف إنه وفقاً لمؤسسة بروكينغ البحثية في أمريكا فإن الحرب في اليمن تكلف ما بين 5 مليارات إلى 6 مليارات دولار في السنة، والخسائر البشرية تُقدّر بعشرة آلاف شخص بينما يواجه 8.5 مليون شخص المجاعة. ويرى مايكل برلي أيضاً أن محاولة ولي العهد السعودي عزل قطر لدورها المزعوم في دعم الإرهاب باءت بالفشل، ولكنها أدت إلى تدمير مجلس التعاون الخليجي لصالح ثنائي السعودية والإمارات. انتهى كلامه ولعل ما يؤكد مدى ما وصلت إليه السعودية من تخبط وتوهان سياسي عندما صرّح مصدر مسؤول فيها بأن السعودية سترد على أي إجراء في حال تلقيها محاسبة وإجراءات قاسية إذا تم التأكد من ضلوعها في جريمة اغتيال خاشقجي، وكأنه اعتراف ضمني بأنها بالفعل هي من نفّذت عملية الاغتيال، وبالتالي فإنها تسبق أي إجراء دولي قد يتخذ ضدها وعلى رأسها الموقف الأمريكي بأنها ستُقابل بإجراء أكبر!! ◄ فاصلة أخيرة عرّاب قناة العربية وببغاؤها يعكس عقلية حكّامه بتصريح يُعد هو الأغرب والنادر من نوعه بأن بلاده ستتصالح مع طهران وحماس وحزب الله في حال تعرضت لعقوبات!! سبحان الله.. أليست تلك الجهات هي التي اتهمتم قطر بالتعاون معها واشترطتم أن تقطع علاقاتها لمنحها صك الغفران؟! ما بالكم تُبيحون لأنفسكم مالا تقبلونه لغيركم؟!!