19 سبتمبر 2025
تسجيلإن بناء الشخصية الوطنية الحقيقية التي تجعل من الوطن ومصلحته بؤرة اهتمامها امر هام وضروري واساسي لبناء المجتمع المترابط الفعال والمتفاعل في نفس الوقت، فالمطلوب أولا عملية تفكيك نفسية لشخصية المواطن واعادة تركيبها بشكل اخر يستبعد منها اهم عاملين مسؤولين عن توترها وعدم تفاعلها بإيجابية، وهما: الخوف وعدم الثقة، ومن مظاهر هذين العاملين ينتج تشوه حقيقي يجعل المواطن يقول ويمارس شيئا وهو في السلطة او المنصب، ويتحدث ويمارس نقيضه تماما بعد خروجه من المنصب او السلطة اذا جاز لنا تسميتها، فالنقد لدينا ليس حالة ثقافية وانما حالة كيدية، فالخوف اثناء المنصب تحول الى نقيضه دون اتزان حتى فقد وظيفته وجرى الاستهانة به تبعا لذلك. ومن مظاهر هذين العاملين ايضا التمسك بالمنصب حتى على حساب القناعة وهي ظاهرة خطيرة، اي ان يعمل الانسان ويمارس دورا لا ترتضيه قناعاته ولا ضميره كذلك نتيجة الخوف، وهي اقرب الى الجاسوسية وعدم الثقة في بناء الدولة التنظيمي. ومن مظاهرها كذلك تشويه نمط العلاقات الانسانية بين افراد المجتمع، فالعلاقة مع صاحب المنصب في منصبه شىء وبعد خروجه من ذلك شىء اخر، مما يساعد على تفكيك المجتمع ويزرع الشكوك والهواجس بين افراده. الآن كيفية الخروج من هذه الحالة المرضية يتأتى بزيادة جرعات المجتمع المدني في شرايين المجتمع التي من اولوياتها استقلال القضاء وبناء هياكل مجتمع مدني حقيقية تنبع من داخله ومن وسطه الاجتماعي وبمحض ارادته. فالمواطن العربي اجمالا ما لم يتحرر من الخوف المتوارث داخله والذي نعت بأنه وصفة مطلوبة ومبتغاة خوفا من المجهول والشرور القادمة، وجرى تأبيده بناء على ذلك. لم يثمر امنا من الشرور ولا سلامة من المجهول بل تمظهرت اعظم انجازاته في تأليه الزعيم والقائد حيا وانتقاده الى درجة تعريته من ثيابه ميتا، ولقد سبق للزعيم الراحل انور السادات ان وضع شعارا لمرحلته تحت مسمى "لو كان الخوف رجلا لقتلته ليأمن شعبي"، ولكن مجتمع الشعارات ايضا مظهر من اخطر مظاهر غياب المجتمع المدني الحقيقي، لأنه يجري الاكتفاء بها دون العمل من اجل تحققها فعليا على ارض الواقع، وهي كذلك حضن دافئ للخائفين من غياب اليات المجتمع المدني ومؤسساته الحقيقية، يلتحفون بها طالما هي مصدر آمن وينزعونها متى اصبحت عبئا ثقيلا وخطرا ماثلا، ولو كانت من صلب العقيدة والمعتقد. تبدو كذلك اهمية ربط الانسان العربي بصور تاريخه الانسانية منها امر مطلوب ما عدا ما يتعلق بالنظام السياسي او السلطة السياسية، فيجب العمل على تحريره من تأبيدها وربطه بالحاضر لأنها سلطة مدنية متحركة ترعى مصالح الانسان المرتبطة بشرع الله. [email protected]