10 سبتمبر 2025
تسجيلعندما نتأمل في عقاب الله لآدم بتنزيله من الجنة الی الارض سنری ان الحياة الدنيا علی كوکب الارض ليست الا زمنا عابرا في دار الابتلاء وليس له البقاء أو كما روي عن النبي فهي اذا قارناها بحياة الاخرة (سجن المؤمن وجنة الكافر)، كما يلزم أن نری معنی اسم العدل لله تعالی بشكل عملي في الكائنات، لذا علينا المرور بهذا الامتحان، ثم يستحق الجنة من عمل لها ويستحق النار من لم يأبه بالخير والشر والحلال والحرام في هذه الدنيا، اعاذنا الله واياكم من سوء الخاتمة. ولأننا كلنا من آدم وهو من تراب نری أوجه التشابه بين بني البشر من أقصی الشرق الی أقصی الغرب، أي: ان نقاط التشابه أكبر بكثير من نقاط الاختلاف، وما الاختلاف الا في الأشكال والفروعات (وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم)، وهناك احاديث كثيرة تشرح لنا هذه الاية الكريمة فإن مبتغی الشريعة يؤكد علی ان (الناس سواسية کأسنان المشط) أمام الله وأمام الاحكام الشرعية و(لا فضل لعربي علی عجمي، ولا لعجمي علی عربي ولا لأحمر علی أسود ولا لأسود علی أحمر الا بالتقوی) تؤكد علی ان الانسان بغض النظر عن لونه أو عرقه أو حسبه ونسبه لا يمكن ان يكون خيرا من الاخرين دون أن يجتاز المعيار الوحيد الذي حدده وأقره الاسلام ألا وهو التقوی والعمل الصالح، ولو نظرنا الی تكوين مجتمع الاصحاب لرأينا فيهم روميا وفارسيا وحبشيا.. وغير ذلك. لا ضير؛ فبهذا الفكر الشمولي والانفتاح الفكري يتم استيعاب جميع مخلوقات الله في الاسلام وكما نری تطبيق هذا الفهم في صفوف الصلاة في البيت الحرام أثناء موسم الحج، هنالك سنری صفوفا متساوية مكونة من كل اعراق البشر علی الارض وهذه هي شمولية ديننا الحنيف والذي اصبحنا بهذه النعمة اخوانا والله يمن علينا كذلك بهذه النعمة العظيمة. ولو نزلنا هذه الرؤية علی مجتمعاتنا المعاصرة في الطور العملي ستؤدي بنا في النتيجة الی تقدم وتطور حضاري لا مثيل لها، كما يطبق في الغرب هذا المعيار التأهيلي وهم يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا؛ فعلی سبيل المثال عندما يعلن هناك عن توفير وظائف شاغرة لا يأخذون بنظر الاعتبار غير المؤهلات الوظيفية، سواء أكان الشخص مقيما أو مجنسا أو مواطنا، وفي هذا حكم عظيمة وفطنة كبيرة، حتی تراهم احيانا يضعون في المواقع السيادية كذلك الشخص المناسب حتی ولو لم يكن من السكان الاصليين؛ اذن ثورة العولمة قد كسرت تلك القيود والعوائق التي لم تكن شيئا سوی اسباب للتخلف وضيق مساحات الرؤی، وكلنا نحتاج الی بعضنا البعض كي تكتمل صورة الحياة بأروع وأجود ما تكون، وقد جاء في فتح الباري شرح صحيح البخاري عن المعرور بن سويد قال: (لقيت أبا ذر بالربذة وعليه حلة وعلی غلامه حلة فسألته عن ذلك فقال اني سابيت رجلا فعيرته بأمه فقال لي النبي انك امرؤ فيك جاهلية، اخوانكم خولكم جعلهم الله تحت أيديكم فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه مما يأكل وليلبسه مما يلبس ولا تكلفوهم ما يغلبهم فإن كلفتموهم فأعينوهم).