17 سبتمبر 2025
تسجيلاستنكر الزوج الطعم المالح للطبق الذي أعدته الزوجة على الغداء، فعبس في وجهها وأرغى وأزبد، ثم تنحى جانباً وهو يعض أصابعه الواحد تلو الآخر، في حين حافظت الزوجة على اتزانها ووقارها دون أدنى ردة فعل. منذ فترة وهي تطلب منه إحضار الملح من السوق كونه نفد من البيت، تذكر ذلك وهو يحدثها عن أهمية الذاكرة الحاضرة دائماً في تحصين الأسرة. استدراك ١.. لقد أشفقت عليه، فهو دائم الشرود في النهار والهذيان في الليل وقالت في نفسها: سبحان مغير الأحوال. قرأ ذلك في عينيها، وفي تصرفاتها، فعاتبها بمزيد من الشرود والهذيان، فلم تجد بداً من الانحياز إليه أكثر، ومشاركته ما هو فيه، حتى استقامت الأمور من جديد، وتحول البيت إلى زوجين يبالغان في الشفقة تجاه بعضهما البعض. استدراك ٢.. كانت امرأة قوية لا يهمها معدن الرجل الذي سيصبح زوجها، في حين كان هو رجلاً هشاً متصالحاً مع معشر النساء. سرعان ما تسلل الملل إلى داخل البيت، وشعر كل طرف بأنه محصور في الزاوية، وبأنه من المستحيل أن تستمر الحياة بهذه الطريقة، فعكف الاثنان على إظهار وجه آخر غير مألوف، حتى غاب الضجر والطرافة والهدوء، وفر القط الأليف خارج جدران المنزل إلى غير رجعة. استدراك ٣.. كان حيادياً وهي منحازة.. يسارياً وهي يمينية.. متواضعاً وهي متعجرفة.. جاداً وهي ساخرة.. مثقفاً وهي أمية.. ليناً وهي قاسية.. ومع ذلك طلب يدها، وبالغ في إبداء حسن النية، ولج في الطلب حتى وافقت بدون شروط، ثم أعطته يدها وحافظت على يدها الأخرى مرفوعة كقبضة للتدخل إذا لزم الأمر. استدراك ٤.. عاد متأخرا كعادته وكان الليل قد شارف على الانقضاء، فوجد ورقة مكتوبة بخطها الجميل الذي يحبه: مستغرقة في النوم منذ دقيقة ولدي أحلام لم تنتهِ بعد. لم يلق بالاً لما كتبت، وحاول إيقاظها بشتى الوسائل ففشل. يبدو أنه كان حلماً جميلاً مسبق الصنع لا بداية له ولا نهاية.