10 سبتمبر 2025
تسجيلعنوان يشرح بشكل مبسط جدا لما آلت إليه الأحداث في أفغانستان وتحديدا لحركة طالبان التي انتُزعت السلطة من أيديهم إبان الدخول الأمريكي لبلادهم منذ ما يقارب عشرين عاما، وتحديدا عقب الهجمات الإرهابية والانتحارية التي تبنتها القاعدة آنذاك بقيادة أسامة بن لادن لبرجي التجارة العالمية في نيويورك، ومبنى البنتاغون في وسط العاصمة الأمريكية واشنطن في أيلول/ سبتمبر عام 2001، وأسفرت الهجمات عن مقتل الكثير من الأميريكيين المدنيين، لتشن الولايات المتحدة الأمريكية بعدها هجوما قويا تمثل في إرسال قوات من الصفوف الأولى للقوات البرية والبحرية والجوية وتغزو أفغانستان، لتحريرها من حكم طالبان التي اتُهمت وقتها بالخضوع لسيطرة تنظيم القاعدة. واستطاعت واشنطن خلال 19 عاماً أن تزيح طالبان من سدة الحكم ومراكز السيطرة على العواصم الإقليمية للبلاد وأهمها العاصمة الرئيسية كابل، لكنها لم تقدر فعليا على إزاحة ظلالها التي ظلت مسيطرة على المشهد الأمريكي الأفغاني حتى هذه اللحظة والحركة الطالبانية على مشارف العاصمة، وعلى وشك تسلم السلطة رسميا من حكومة جاءت بعد سلسلة حكومات وضعتها الولايات المتحدة للتعبير عن الديمقراطية الشعبية التي يجب أن يحظى بها هذا البلد بعد سنوات طويلة من الجهل الثقافي والحضاري والتعليمي وفي مجال حقوق الإنسان والمرأة على وجه الخصوص. اليوم تعلن الولايات المتحدة على لسان رئيسها المفوض جو بايدن انسحابها الكامل من أفغانستان بعد قرابة عقدين من الزمن، محدداً موعد الانسحاب وعودة قواته إلى البلاد في 31 أغسطس الجاري بعد أن كان قد تقرر انسحابها على لسان الرئيس السابق دونالد ترامب في مايو من العام 2021، لا سيما بعد أن نجحت الدبلوماسية القطرية في إرساء وساطتها النزيهة في الاجتماع بالطرفين الأميريكي والطالباني في سلسلة لقاءات واجتماعات في العاصمة القطرية الدوحة، أسفرت عن اتفاق مجدول لتبادل الأسرى بين الجانبين وتهدئة الوضع في أفغانستان وعدم التعرض كليا لقوات أي طرف من جانب الطرف الآخر، ورغم أن بايدن لم يربط انسحاب قواته من الدولة الأفغانية استسلاما، خصوصا بعد اقتراب الطالبانيين من استلام السلطة طوعا أو بالقوة، معبرا عن استغرابه في أن يقف 75 ألف مقاتل من طالبان في وجه ما يزيد عن 300 ألف من قوات الحكومة الأفغانية، لكن بايدن برر ذلك بأن استمرار أمد القتال هناك لا يمكن أن يخدم أحدا وأنه قد حان الوقت للعودة للوطن بالنسبة لأفراد قواته حسب قوله، في الوقت الذي أخلى رئيس سلطة النظام في أفغانستان أشرف غني مكانه من رئاسة البلاد قبل أن يعجل الطالبانيون في إزاحته عنوة وربما اعتقاله، في حين أعلن وزير الداخلية الأفغاني استعداده السلمي لتسليم مفتاح شؤون الأمن والقوات في البلاد لحركة طالبان، حفظا على عدم إراقة دم الأبرياء المدنيين، والذين لم يلقوا يوما هانئا منذ عقود وتأمين انتقال السلطة بسلاسة وسط وعود الحركة الأكيدة بأنهم لن يمسوا أحدا بضرر أو بممتلكات الشعب أو البنوك والمصارف، مما ستحظى طالبان بعدها باعتراف دولي ورسمي بها لإدارة شؤون البلاد باعتبار أنها تسلمت السلطة اختياراً لا إجباراً أو بقوة السلاح، وسيصبح على العالم التعامل معها مباشرة حتى من الذين رأوا فيها العدو الأول في أفغانستان وممن وصفوها حتى بالحركة الإرهابية وضمنوها قوائمهم السوداء، ولذا وحتى إعلان تبوء طالبان سدة الحكم الرسمي في أفغانستان، علينا أن نعترف بأن كل الحروب التي شُنت باسم الحرية للشعب هي نفسها احتلال ولكن بأصباغ ملونة !. حمى الله بلاد المسلمين جميعا. [email protected] @ebtesam777