11 سبتمبر 2025

تسجيل

بالثقافة نحارب الطائفية

16 أغسطس 2015

عندما ألَّفت كتابي عن دول مجلس التعاون الخليجي والربيع العربي في عام 2013، تحدثت بشكل خاص عن الطائفية، كما تطرقت إليها في التوصيات الختامية للكتاب على أنها أهم التحديات التي تواجه الدول العربية، حيث تفاقم مؤخراً عدم الثقة بين السكان بعد الربيع العربي. وفي هذا الإطار، دعت المملكة العربية السعودية إلى قمة طارئة للتضامن الإسلامي في أغسطس 2012، داعية إلى حوار وطني بين مختلف الطوائف الإسلامية، كما اقترحت إنشاء مركز للحوار بين الطوائف الإسلامية بغية تخفيف التوترات الطائفية في المنطقة. وبعد أكثر من عامين على انعقاد هذه القمة، وخمس سنوات على اندلاع شرارة ثورات الربيع العربي، لا زلنا نعاني من الطائفية والضغينة بين سكان المجتمع الواحد، بسبب فقداننا لمفهوم المواطنة الحقيقية. علماً أن الممارسات الطائفية التي تقوم بها بعض الجماعات والحكومات ووسائل الإعلام في العالم العربي، من تشهير وتوقيف وسجن وقتل وسفك للدماء بسلاح المذهبية والطائفية، جاءت حصيلة لضعفنا الثقافي. ومن المؤسف انسياق عدد كبير من المثقفين وراء هذه الظاهرة. وأعجبني تعليق الدكتور "عبدالعزيز الوحش" من اليمن على صفحتي في الفيسبوك، عندما سألت: هل يستطيع المثقفون العرب تغيير الواقع والمشهد السياسي؟ حيث قال: «ﻻ مع الأسف، لأن المثقف العربي هو نتاج بيئة فكرية ثقافية اجتماعية سياسية تسيطر عليه منذ بداية ميلاده البيولوجي. وعند بداية ميلاده اﻻجتماعي تتولى الجماعة تشكيله الفكري ويظل أسير ذلك الفكر. يضاف لذلك أن الأسرة والجماعة اﻻجتماعية والسلطة السياسية بوليسية قمعية، تجعله يتماهى معها، أو يفضل الصمت، أو يدفع حياته ثمناً لآرائه التي ينشد من خلالها التغيير. ولذلك، فإن المثقف العربي أكثر عجزاً على تغيير الواقع مالم يرتبط بسلطة سياسية ديمقراطية هي ذاتها تنشد التغيير في إطار دولة عادلة ومواطنة متساوية». ربما نتفق معاً على أن دولة عادلة ومواطنة متساوية، سوف تخلق لنا البيئة التي يستطيع من خلالها المثقف العربي أن يحارب الفكر الطائفي، ولكننا نستطيع أيضاً، من خلال بناء استراتيجية ثقافية عربية موحدة، أن نحارب الطائفية، فما يجمعنا كشعوب عربية أكثر مما يفرقنا.