12 سبتمبر 2025

تسجيل

حديث الثورة والحرب الأهلية في مصر

16 أغسطس 2013

كيف يمكن توصيف ما تشهده مصر ما بعد أحداث فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة.ذاك سؤال الساعة والمستقبل،إذ تبدو مصر كمن كتب عليه أن يعيش في دوامة التوصيفات.لقد جاءت هذه الأحداث لتقفز بالجدل الدائر حول توصيف ما جرى بعد مظاهرات 30 يونيو بين من قال إنها حالة ثورة ومن اعتبرها حالة واضحة من حالات الثورة المضادة،إلى حالة خلاف وصراع جديد. وقد ظهر من فور وقوع الأحداث ثلاث توصيفات جرى تداولها في الأوساط الإعلامية والسياسية،لكل منها نتائجه المختلفة الآن ومستقبلا.التوصيف الأول يرى أن ما شهدته مصر صباح الأربعاء الحزين،هو حالة من حالات فرض هيبة الدولة باعتبار ما جرى هو عملية جراحية لإنهاء حالة الفوضى وضرورة من ضرورات مواجهة إرهاب واقع،وقد بشر أصحاب هذا الرأي،بأن مصر خطت خطوة كبيرة نحو الأمن والاستقرار والعودة إلى عالم الإنتاج والنمو والازدهار.والثاني،وصف ما جرى بطلقة بداية الحرب الأهلية وأن أحداث ودماء رابعة والنهضة هي وقود يدفع نحوها،مشددا على وجود من يورط مصر في تلك الوضعية عمدا،سواء بدفع الجيش للصدام مع الشعب أو بارتكاب أحداث طائفية من حرق كنائس ومقار ذات طبيعة دينية مسيحية أو بحكم طبيعة الانقسام والتخندق بين العلمانيين والليبراليين والقوميين في جهة والتيارات الإسلامية في جهة أخرى.وأن الدماء الغزيرة التي سالت خلال فض اعتصامي رابعة والنهضة وما تلاهما كلها مؤشرات على بداية انفلات العنف من مقاله ردا على ما جرى،وأن البلاد في طريقها للنموذج السوري حيث السلطة اختارت الحل الأمني-العسكري في مواجهة حالة شعبية واسعة تحمل مشروعا مناقضا لمشروع السلطة. غير أن هناك من يصف ما جرى بحالة الثورة،لا باسترداد هيبة الدولة للدخول في عالم الاستقرار ولا ببداية الانزلاق نحو الحرب الأهلية.وصف ما يجرى بالثورة يعود إلى أسباب كثيرة ومتعددة يجرى تداولها على نطاق يومي.ذاك أن ثورة يناير لم تكتمل من الأصل ولم تحقق أهدافها فضلا عن أنها تعيش حالة نكوص على ما حققته بعد الذي جرى في 30 يونيو،إذ جرى إقصاء رئيس وبرلمان منتخبين ودستور جرى استفتاء الشعب عليه..الخ. وأهمية التوصيف لما يجرى الآن في مصر،لا تعود لأسباب فكرية ولا نظرية تكتب في الأبحاث وتحتجز في الأدراج أو الدوريات العلمية وتسجل في وقائع التاريخ،بل هي قضية تتعلق بفهم ما يجري وبتحديد الموقف منه خلال النشاط الفاعل والحركة،وتوقع ما ستؤول إليه الأوضاع.فالقول بأن مصر تعيش حالة فرض هيبة الدولة هو قول مخادع يظهر الشعب المصري راغبا في حكم غير ديمقراطي ويعيد البلاد ونمط الحكم ومفهومه وغاياته إلى ذاك النمط القديم الذي عاشته مصر من قبل،حيث كان يقال للشعب إن الحرية والديمقراطية لا أهمية لها بل المهم هو الاستقرار وكان الحرية لا تحقق الاستقرار،بل الديكتاتورية هي ما تحققه.والقول بأن ما تشهده مصر الآن هو حرب أهلية هو قول خطر،يذهب بمصر إلى ذات ما ذهب إليه بشار الأسد،حين أعاد توصيف الثورة السورية ضده وحكمه وديكتاتوريته ودفع بالأحداث نحو الحرب الأهلية والطائفية ليصبح هو ونظامه في وضع الحامي لتماسك المجتمع واستمراره وإظهار الآخرين كطائفيين وعبثيين يفككون الوطن ويسعون إلى تقسيمه إلى دويلات. وصف ما يجري بالثورة يحدد أهداف ومآلات الحدث ويحدد ويصنف القوى المشاركة في الأحداث في الحكم والمعارضة،ويوجه رسالة محددة للشعب والرأي العام الداخلي والخارجي ومن قبل ومن بعد يحدد مدى أخلاقية المواقف المتخذة.