14 سبتمبر 2025

تسجيل

اللاجئات والهروب إلى المجهول

16 يوليو 2022

فتيات وشباب نأسف لما يحدث لهم خارج أوطانهم، يظنون في فترة وظروف صعبة وقاسية مرت بهم ربما من أقرب قريب أو أبعد بعيد أن النجاة والسعادة وحل مشكلتهم وظروفهم تلك التي واجهوها بالهروب خارج أوطانهم، لكن واقع الحال يقول غير ذلك، فمن جرّبت تلك التجربة القاسية ستتضح لها الرؤية، وتنكشف أمامها تلك الغمامة، وتتضح لها تلك الدعاية المخادعة من الذين غرروا بها وخدعوها بكلمات معسولة وتصورات وردية غير واقعية، والتي تجعلها تشعر بالتأكيد أن مُرّ الظروف التي واجهتها في وطنها أهون من مُرِّ الغربة التي رأتها وعاشتها بعيدة عن وطنها، فمن يكون آمنا في وطنه لديه وظيفة تكفيه وأهل يؤونه ووطن يحميه ويقدم له كل سبل الراحة ذلك قمة السعادة. أما بعد تجربتهم للغربة يصطدمون بواقع مختلف، مجتمع لا يشبههم، لغة وعادات وتقاليد أبعد ما تكون عما تربوا ونشأوا عليه، تلك الحياة الوردية التي يصورها الحاسدون والحاقدون على النعم التي أنتم بها أختي وأخي قبل رحلة الهروب من وطنك ستجعلكم تشعرون بأن من لم يجرب تلك المغامرة فاته حظ عظيم، لكن الواقع يقول إن الفتاة التي تتخذ خيار الهجرة قد تكون في لحظة ما ضاقت عليها الأرض بما رحبت ولم تجد من يعينها على دفع البلاء الذي نزل بها ربما من أقرب قريب أو أي موقف جعلها تتخذ ردة الفعل تلك، فتختار مضطرة تلك التجربة المريرة، لكنها بعد أن تخوض التجربة خارج وطنها ترى حياة أكثر قسوة، وعزلة أكثر مرارة، وبيئة حولها ربما تجرّها إلى ما لم تترب عليه، فعندما تهاجرين خارج وطنك فإن خياراتك صعبة وربما تكونين بين خيارين أحلاهما مُرْ، ستحاطين ربما بالسيئين لا سمح الله الذين يجرونك إلى أفعال غير أخلاقية ولا تمس لمبادئك وقيمك بصلة. هنا لا أنتقد من تتخذ خيار الهجرة لطلب العلم أو مضطرة بسبب ظروف خارج إرادتها ثم تعود لخدمة وطنها، لكن من تتخذ الهجرة للبعد عن وطنها دون خيار عودة ذلك الخيار أشد وأمرّ على النفس، ومن جربت مرارة الغربة تعرف ذلك جيداً، برأيي ينبغي ألا تتم القسوة على كل فتاة هاجرت في لحظة غضب وردة فعل، ورغبت في العودة إلى وطنها في لحظة رأت غير الذي سمعت به، مهما كانت الظروف التي مرت بها قاسية لكن خيارها للعودة هو شجاعة وتصحيح مسار كان في لحظة ما قراراً متسرعاً لكن يقال تصحيح المسار خير من الاستمرار في المسار الخاطئ. هذا من جانبه أن يجعلنا نتأمل قليلاً، ماذا تحصل الفتاة عندما تتخذ خيار الهجرة؟ عندما تصل سعيدة وتظن بأن السعادة بالهجرة خارج وطنها سيتم عزلها في سكن مشترك ربما مع أناس لا يشبهونها مبادئ وقيماً وخُلقاً بعد تلك المرارة في بداية رحلتها، تسكن وحدها إن حصلت على سكن بعيدة عن عائلتها ووطنها، تضطر إلى تعلم لغة ذلك البلد فترة من الزمن، وتضطر بعدها إلى التأقلم على الحياة الصعبة والبحث عن مصدر دخل لها لكي تعيش، واقع أمرَّ عليها من وضعها عندما كانت في وطنها، بعد كل ذلك تعيش رحلة العزلة عن كل شيء حياة ليست اجتماعية لأن "طبيعة الغربة عُزلة" ومن جرّبت تعرف ذلك جيداً، رسالتي عندما تكون الفتاة في وطنها ينبغي الاستماع لها ولمشكلتها وحلّها بدل أن تضطر وتغامر بتلك الرحلة المجهولة القاسية، وإذا اتخذت خيار البعد عن وطنها لا سمح الله ستعرف قيمة الحنين إلى عائلتها ونعمة العيش في أمن وأمان وطنها، ويكون الباب مفتوحاً دائما لعودتها. رسالتي إلى الشباب والفتيات لا تستمعوا إلى من يصور لكم حياة الهجرة والبعد عن عائلاتكم وأوطانكم سعادة وحلا للظروف التي تمرون بها إن وجدت لا سمح الله، بل إن كل مشكلة لا سمح الله تمرون بها تستطيعون حلّها وأصبحت اليوم مجتمعاتنا أكثر رحابة واستماعاً وتعاطفاً مع كل شاب وفتاة يمرون بظروف قاسية وتساعدهم الجهات المختصة في حل مشكلاتهم، وفوق كل ذلك القانون فوق الجميع وسيأخذ كل ذي حق حقه، أسأل الله أن يهدي شبابنا وفتياتنا ويصلح بالهم ومن هاجرت تعود إلى عائلتها ووطنها معززة مكرمة آمنة مطمئنة. وقيل: وكل مسافرٍ سيعود يوماً.. إِذا رزقَ السلامة والإِيابا.. وكلُّ عيشٍ سوف يطوى.. وإِن طالَ الزمانُ به وطابا.. كأن القلبَ بعدَهُمُ غريبٌ.. إِذا عادَتْه ذكرى الأهلِ ذابا.. ولا يبنيكَ عن خُلُقِ الليالي.. كمن فقد الأحبةَ والصِّحابا..