15 سبتمبر 2025

تسجيل

الفراعنة الأغبياء الجدد !

16 يوليو 2019

يذكر الكاتب محمد توفيق في كتابه " الغباء السياسي " الذي عاشته مصر على مر تاريخها وكيف اتسم به كثير ممن حكموها واستطاعوا أن يصلوا لسدة الحكم والسيطرة بغبائهم على ملايين الرعايا ، ويستعرض الكاتب العديد من االحكام المنتمين لطبقة " الأغبياء " مثلما حكمها مجموعة من " الفراعنة العظام " الذين صنعوا حضارة مصر وغيروا مجرى التاريخ ، كما شهدت مصر " فراعنة حمقى " كانوا سبباً في انهيار ممالكهم !! ومن الغريب أن هذه الأنظمة الفرعونية لم تسقط بسبب طغيانهم فقط وإنما بالطغيان المقترن بالغباء ، وأن دولهم سقطت عندما صار الطاغية غبياً وأصبح لا يدري عما يجري حوله فاختلّ تقديره للأمور ولم يعد قادراً على إحكام سيطرته على مفاصل دولته ! وطرح الكاتب أمثلة كثيرة للفراعنة الأغبياء منهم " بيبي الثاني " الذي يوصف بأنه أول حاكم غبي عرفه التاريخ وبقي في السلطة 94 عاماً ، وعرفت مصر في عهده الفساد والانحلال والانقلابات والحروب الأهلية ، فيما تعاقب على كرسي الحكم في مصر أيضاً ثلاثة حكام أغبياء وهم " الملك ساكرع " و " توت عنخ أمون " وقد توليا الحكم فترة قصيرة كانا فيها مجرد أداة في يد كهنة أمون ، ثم يليهم " الملك آي " الذي حكم أربعة أعوام وكان طاعناً في السن ففشل في إدارة شؤون بلاده وساد الاضطراب والفساد . ويلخّص توفيق كتابه بفقرة وصف بها هؤلاء الحكام بأنهم يجمعون بين الغباء والتسلط والميل إلى العنف ، فالحاكم الغبي كان يرى في السيف منقذاً له ! وكأن التاريخ يُعيد نفسه من جديد ليستنسخ صورة طبق الأصل من الفراعنة الأغبياء بفرعون جديد يفوقهم في الغباء وحبه الفاحش للمال والسلطة ، ولأن روح النكتة هو الونيس والمخفّف على نفوس الأشقاء المصريين من هذه المصيبة التي جعلت هذا الغبي يحكمهم ويمطر نهارهم ومساءهم بمقولاته وتصريحاته الغبية وقراراته المجنونة التي نغّصت عيش المواطن المصري ، وكأنهم وهم يقرأون مثل هذه الكتب التي تتناول تاريخ حكام مصر الأغبياء يُمنّون أنفسهم بأن تكون خاتمة رئيسهم المفروض عليهم السيسي كخاتمة أحد الملوك الثلاثة ساكرع أو توت عنخ أمون أو الملك آي وأن لا تكون كخاتمة الملك بيبي الثاني الذي جثا على صدور المصريين 94 عاماً وإن كان اسم سيسي قريب من بيبي لولا لقب " الثاني " ولكن يبقى الغباء سمة الشخصيتين التي ابتليت بهما المحروسة !! وكما ابتليت مصر بفراعنتها الأغبياء وآخرهم السيسي فإن الخليج أيضاً ابتلي بنسخٍ من هؤلاء الفراعنة ، ومن أراد أن يجزم بفرعونيتهم فليتمعن بمستشاريهم الذين يستأنسون بمشورتهم ويقتدون بآرائهم ، فأحدهم جعل الشاذ جورج نادر الذي دوّت فضيحته الأوساط الأمريكية مستشاراً له والثاني اتخذ من تركي الشيخ وسعود القحطاني مستشاران له فالأول جعل من بلاد الحرمين مراقص وملاهي وموطن انحلال وفساد والثاني تولى مهمة التنكيل والتقطيع لكل من يعارض فكر وايديلوجية سيده بن سلمان ، أما الثالث فشاهدنا مستشاره قبل يومين في برنامج " ما خفي أعظم " وحاله أشبه بمتسول في أزقة لندن أو نيويورك . جابر المري [email protected]