12 سبتمبر 2025

تسجيل

المغانم والمغارم الاقتصادية بمونديال البرازيل

16 يوليو 2014

مع انتهاء فعاليات كأس العالم لكرة القدم التي نظمتها واحتضنتها البرازيل للمرة الثانية في تاريخها، وهي الفعاليات التي بدأت بمظاهرات واحتجاجات شعبية جارفة ضد الحكومة لإنفاقها أكثر من 11 مليار دولار على هذا الحدث الرياضي الكروي العالمي، في الوقت الذي يعاني فيه فقراء البلاد من أزمات اقتصادية طاحنة وقصور في الخدمات التعليمية والصحية وارتفاع كبير في أسعار السلع والخدمات وفي مقدمتها وسائل النقل المختلفة... وانتهاء المونديال بخروج مهين للبرازيل من الدور قبل النهائي على يد الألمان بسباعية قد تعيد المظاهرات والاحتجاجات للبلاد من جديد خلال الأيام والأسابيع المقبلة، وقد تؤثر كذلك على نتيجة الانتخابات الرئاسية للبلاد والتي سوف تجرى في شهر أكتوبر القادم.ورغم ذلك فإن الكثير من الخبراء والاقتصاديين يؤكدون على أن المكاسب الاقتصادية التي سوف تعود على البرازيل من جراء تنظيمها لهذا الحدث العالمي ستكون أكثر بكثير من المنفق عليه خاصة على المديين المتوسط والطويل بشكل مباشر وغير مباشر، وقد قسمت الدراسات المتخصصة في هذا الصدد جوانب الاستفادة التي حظيت وستحظى بها البرازيل إلى ثلاث مراحل، تمثلت الأولى منها في مرحلة الإعداد للحدث واستغرقت الفترة من (2011- 2014) والمرحلة الثانية عام المونديال ذاته الذي أقيمت فيه مسابقة الكأس والمرحلة الثالثة تخص أعوام ما بعد المونديال الكفيلة بجذب المزيد من السياحة والاستثمارات الأجنبية.وتتمثل أهم المكاسب الاقتصادية للبلاد في المرحلة الأولى أو مرحلة الإعداد والبناء وتوفير البنية التحتية "وفقاً لدراسة آرنست آند يونج" أن الإيرادات والمكاسب خلال هذه الفترة قد بلغت نحو 112.8 مليار ريال، بالإضافة إلى توفير 3.63 فرصة عمل سنوياً، كما زادت كذلك إيرادات حكومات الولايات الفيدرالية والمحلية بنحو 18.2 ريال نتيجة لفرض بعض الضرائب على الشركات العاملة في مجال الإنشاءات والإصلاحات وبناء الاستادات الرياضية.... فيما قدرت مصاريف الإعداد والبناء في ذات الفترة بنحو 22.5 مليار ريال برازيلي.وتعد قطاعات الإسكان والأغذية والمشروبات والخدمات التجارية والمرافق وخدمات المعلومات من أهم القطاعات البرازيلية التي استفادت من تنظيم بلادها لكأس العالم، حيث جني قطاع الإنشاءات المدنية خلال هذه الفترة إيرادات بلغت 8.2 مليار وبلغت إيرادات الخدمات التجارية نحو 6.5 مليار ريال كما زادت إيرادات الإيجارات بأكثر من 4.6 مليار ريال برازيلي.ويرى الكثير من الخبراء والاقتصاديين بأن أعداد السائحين والزوار والإعلاميين الذين قدموا إلى البرازيل لمتابعة مباريات المونديال قد بلغت أكثر من 700 ألف شخص وأنهم قد أنفقوا وفقاً للتقارير الرسمية البرازيلية أكثر من ستة مليارات ريال "وقد قدرها البعض الآخر كشركة كوليرز إنترناشيونال العالمية للأبحاث" بنحو ثلاثة ملايين دولار أمريكي، حيث بلغت أعداد تذاكر المباريات المباعة في الولايات المتحدة الأمريكية 197 ألف تذكرة وفي الأرجنتين 61 ألفا وألمانيا 59 ألفا وبريطانيا 58 ألفا وكولومبيا 55 ألفا وأستراليا 52 ألفا وفرنسا 35 ألفا.... كما أكدت تلك التقارير على قدوم أكثر من ثلاثة ملايين سائح إلى البلاد خلال فترة الإعداد للمونديال، وتوقعت ذات التقارير زيادة تدفق أعداد السائحين القادمين إلى البلاد خلال العام الجاري بنسبة 79%.ويؤكد هؤلاء الخبراء على أن تنظيم البرازيل للمونديال يعد بمثابة إعلان مجاني لها ولمدنها المختلفة المستضيفة للحدث الرياضي الكبير بجميع وسائل الإعلام حول العالم، ومن ثم فإن هذه الاستضافة سوف تجذب لها المزيد من أعداد السائحين والاستثمارات الأجنبية، وهو الأمر الذي سبق تكراره مع كوريا الجنوبية حين نظمت مسابقة كأس العالم في 2002، ومع ألمانيا في 2006 وجنوب إفريقيا في عام 2010.ويضيف خبراء شركة "كوليرز إنترناشيونال العالمية للأبحاث" أن هناك إيرادات وعوائد ضخمة ستجنيها البرازيل من جراء تنظيمها للمسابقة وفي مقدمتها اتفاقيات البث والإعلان والترويج للشركات والأنشطة المختلفة وكذا المكاسب المتحققة من بيع الهدايا التذكارية المرتبطة بالمونديال.... بالإضافة إلى المزايا الأخرى التي ستجنيها البلاد من تحسين مستوى البنية التحتية التي خلقت آلاف وملايين فرص العمل وتساعد في تهيئة البيئة الملائمة لجذب المزيد من الاستثمارات المحلية والعالمية في السنوات القادمة.وتشير أحدث التقارير الصادرة عن مؤسسة "كابيتال ايكونوميكس" إلى أن المكاسب الاقتصادية للبرازيل من وراء تنظيمها لمسابقة كأس العالم لكرة القدم سوف تعطى دفعة محدودة للاقتصاد البرازيلي، وأن هذه الدفعة كان من الممكن أن تكون أكبر وأعظم أثرا، إلا أن المشاكل والأزمات الهيكلية لهذا الاقتصاد قد حالت دون زيادة هذه المكاسب الاقتصادية، مما يفرض على المسؤولين بالحكومة البرازيلية ضرورة التصدي لها بحسم وفاعلية.