19 سبتمبر 2025
تسجيللا يخلو الإنسان أن يكون عصى الله أو أطاعه، فأين لذة المعصية وأين تعب الطاعة؟ هيهات رحل كل بما فيها.آه كم من معصية مضت في ساعتها كأنها لم تكن ثم بقيت آثارها، فليت الذنوب لم تكن، ولكن بقيت مرارة الأسى أو ما لا يبوح به من المرارة في الندم بلا مقابل، أما علمنا أن الأمر بعواقبه؟ فلنراقب العواقب نسلم، ولنعلم أن سفينة النجاة تحتاج إلى إحكام، واللمم ( لصغائر الذنوب ) منافذ صغار في ألواحها، والكبائر، هيهات لقد خرقتها بالكبائر، والله شاهد علينا وكل المعاصي قبيحة (إن ربك لبالمرصاد) كل شيء ( ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد )، الجنة ترضى منا بالزهد في الحرام والنار تندفع عنا بترك الذنب، (مَن يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ) نعم، إن الجزاء بالمرصاد! إن كانت حسنة أو سيئة، وربما جاءت العقوبة بعد مدة، فثمرة المعصية عقوبة آجلة وفضيحتها عاجلة.إن سبب دخول الناس النار هي المعاصي ولو نظرنا إلى سبب وقوعنا في المعاصي لرأينا أنها حاصلة من طلبنا اللذات التي لا تنتهي، وما اللذات إلا أحلام.فإياك والذنوب فإنها أذلت أباك آدم بعد عز ( اسجدوا لآدم ) وأخرجته من مسكن ( اسكن أنت وزوجك الجنة ) فخرج أولاده العقلاء محزونون وأولاده السبايا أذلة.إن من أعظم المحن الاغترار بالسلامة بعد الذنب فإن العقوبة تتأخر، ومن أعظم العقوبة أن لا يحس الإنسان بها ( يطبع الله على قلوب الذين لا يعلمون ) وأن تكون سبباً في سلب الدين وطمس القلب وسوء الاختيار للنفس فيكون من آثارها سلامة البدن وبلوغ ما أراد.واعلم أن المعاصي تسد أبواب الرزق، ومن ضيع أمر الله ضيعه الله (مَن يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ) فالويل لمن عرف مرارة الجزاء، ثم آثر لذة المعصية، لأن ثمرة المعصية عقوبة آجلة وفضيحة عاجلة، فلا تدنس وجه جاهك الذي زينه الخلاق العليم، بالمعاصي ، فإنه ليس بين الآدمي وبين الله تعالى نسب ولا قرابة و( كلكم لآدم ) ولا رحم ( لم يلد ولم يولد ) وإنما هو قائم بالقسط (شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ) حاكم بالعدل وإن كان حلمه يسع الذنوب إلا أنه إذا شاء عفا فعفا كل عظيم إلا الشرك، أو كبير من الذنوب.وإذا شاء أخذ باليسير إنه ( فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ) و (لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ...) فالحذر كل الحذر، وكن أخي الحبيب وأختي الغالية على مراقبة وانظر في العاقبة واعرف عظمة الناهي ولا تنظر إلى المنهي عنه فقط "ما نهيتكم عنه فاجتنبوه" هكذا قال صاحب الشرع واحذر نفخة تحتقر أو شرارة تستصغر، فربما أحرقت بلداً، واعلم أن الذنوب جراحات وربَّ جرح وقع في مقتل.أخي، أختي: لا تقل إذا شبت تبت فقد هلك المسوفون، تعطر بالاستغفار "هَلْ مِنْ مُسْتَغْفِرٍ فَأَغْفِرَ لَهُ " فقد فضحتك روائح الذنوب، أحسن الله إلينا أن الخطايا لا تفوح.اكتب بمداد الدمع في الأسحار والخلوات رسائل حسن الظن إلى من يغفر الذنوب جميعاً إلى مولاك الذي خلقك من ماء مهين فسواك فعدلك من غير سابقة فضل ولاحقة منك، فهذه أيام الزرع.فمن سودت الذنوب وجه جاهه ذل بين الأكرمين، ومن ركب ظهر المعاصي أنزلته دار الندامة.السنون مراحل، والشهور فراسخ وأميال، والأنفاس خطوات والطاعات رؤوس أموال، والمعاصي قطاع الطريق، والربح الجنة، والراحة والمستراح تحت شجرة طوبى، والخسران النار، وظل من يحموم لا بارد ولا كريم.لقد حاز الفائزون التائبون العاملون الصادقون ربح الدهر وثمرة فناء العمر فكن في ركب الصالحين خلف محمد صلى الله عليه وسلم وصحبه.وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين