16 سبتمبر 2025

تسجيل

«فرقعة الأصابع» لا تجوز في الصلاة وخشوع الجوارح من خشوع القلب

16 يوليو 2013

◄  نرى بعض المصلين أثناء الصلاة يُفرقعون أصابعهم، وبعضهم يقبضها وبعضهم يبسطها، فكيف تكون الأصابع أثناء الصلاة؟ ►  الحمد لله ولا حول ولا قوة إلا بالله والصلاة والسلام على رسول الله ومن والاه وبعد الخشوع فى الصلاة سبيل الفلاح أولا: الخشوع فى الصلاة قلبا وقالبا: فقد قال تعالى:" قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ" وقال تعالى:" إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَخْبَتُوا إِلَى رَبِّهِمْ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ" " وَأَخْبَتُوا إِلى رَبِّهِمْ " أي خشعت قلوبهم إلى ربهم، وهو الخشية، فالخشوع ظاهر والخشية سر، والخشوع أمر مشترك بين القلب والجوارح قال تعالى:" أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ " رأى الرسول — صلّى الله عليه وسلّم — رجلا يعبث بلحيته فِي الصَّلَاة فَقَالَ: «لو خشع قلبه لخشعت جوارحه» وقال تعالى: " وَخَشَعَتِ الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ فَلَا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْسًا" وقال تعالى: " وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خَاشِعَةً " خَاشِعَةً: أَي سَاقِطَة هامدة إِذا قَامَ العَبْد بَين يَدي الله لَا يتفرغ للعبث فِي الصَّلَاة، وَإنَّهُ كَمَا انتصب لله جسده فِي الظَّاهِر فقد انتصب قلبه فِي الْبَاطِن لله — تعالى — وعلى أثر ذلك انتصاب وامتثال الجوارح وسائر أعضاء الجسد، فبين القلب والأعضاء تواصل وانسجام ووحدة والتئام، وَحُسْنَ آدَابِ الظَّاهِرِ عُنْوَانُ ودليل حُسْنِ آدَابِ الْبَاطِنِ: ومرد ذلك كله ومرجعه قوله تعالى: " سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ" ومما يُعين على الخشوع فى الصلاة سكون أعضاء جسم المصلي، وتجاوبها مع حركات الصلاة قياما وقعودا، ركوعا وسجودا، ولكل حال من هذه الأحوال للأصابع وضع قبضا وبسطا، تفريقا وجمعا، وللمسلم أن يعرف هذه الأوضاع تفقها فى دين الله، وعملا بالهدى المأثور في ذلك، طلبا للخشوع ونشدانا للقنوت فى الصلاة وسعيا نحو الانضباط في الوقوف بين يدي علام الغيوب، تمثلا لقوله تعالى " حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ" لهذه النصوص التي سقناها — في الإجابة على هذا السؤال — نقول يَنْبَغِي للمسلم — وكذا المسلمة — إِذا دخل فِي الصلَاة أَن يخشع فِيهَا، وَلَا يشْتَغل بِشَيْء غير صلَاته فلا يعَبث بثيابه أَو جسده أَو لحيته، وَلَا يفرقع أَصَابِعه وَلَا يشبكها وَلَا يَجْعَل يَدَيْهِ على خاصرته، وَلَا يقلب الْحَصَى — إن كان يُصلي فى البر ودون غطاء أو حائل بينه وبين الحصى إلَّا أَنْ يُسَوِّيَهُ مَرَّةً وَاحِدَةً لِسُجُودِهِ؛ لِمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي ذَرٍّ أَنَّهُ قَالَ: «سَأَلْتُ خَلِيلِي عَنْ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى سَأَلْتُهُ عَنْ تَسْوِيَةِ الْحَصَى فِي الصَّلَاةِ فَقَالَ: يَا أَبَا ذَرٍّ مَرَّةً أَوْ ذَرْ» — وفى النهى عن فرقعة الأًصابع أثناء الصلاة رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ — صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ — أَنَّهُ «قَالَ لِعَلِيٍّ — رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ —: إنِّي أُحِبُّ لَك مَا أُحِبُّ لِنَفْسِي لَا تُفَرْقِعْ أَصَابِعَكَ وَأَنْتَ تُصَلِّي» وفى النهى عن الاختصار رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ — صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ — أَنَّهُ «نَهَى عَنْ الِاخْتِصَارِ فِي الصَّلَاةِ» وَقِيلَ: إنَّهُ اسْتِرَاحَةُ أَهْلِ النَّارِ، وَقِيلَ: إنَّ الشَّيْطَانَ لَمَّا أُهْبِطَ أُهْبِطَ مُخْتَصِرًا وَالتَّشَبُّهُ بِالْكَفَرَةِ وَبِإِبْلِيسَ مَكْرُوهٌ خَارِجَ الصَّلَاةِ فَفِي الصَّلَاةِ أَوْلَى، وَعَنْ عَائِشَةَ أَنَّهُ عَمَلُ الْيَهُودِ وَقَدْ نُهِينَا عَنْ التَّشَبُّهِ بِأَهْلِ الْكِتَابِ؛ وَلِأَنَّ فِيهِ تَرْكَ سُنَّةِ الْيَدِ وَهِيَ الْوَضْعُ. ولِأَنَّ عموم هذه الأشياء المنهى عنها هنا فِي حدوثها ووقوعها من المُصلي تَرْكٌ للْخُشُوعِ الممدوح من تحلَّى به فى صلاته،ولْيعلم المُسلم وكذا المسلمة — بدخوله الصلاة أنه فى شغل كما قَالَ — عَلَيْهِ السَّلَامُ — إنَّ فِي الصَّلَاةِ لَشُغْلًا» بِأَعْمَالِ الصَّلَاةِ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَشْتَغِلَ بِغَيْرِهَا ◄ نماذج من خشوع السلف الصالح فى الصلاة ◄ هلا ذكرت لنا نماذج من خشوع السلف الصالح فى الصلاة؟ ►  ثانيا: نماذج من خشوع وسكون السلف الصالح فى الصلاة كان سيد الخاشعين — صلوات الله وسلامه عليه — يصلي لله خاشعاً مخبتاً، يبكي ولصدره أزيز كأزيز المرجل من البكاء، هذا وقد كان الصديق رضي الله عنه في صلاته كأنه وتد، وابن الزبير — رضي الله عنه — كأنه عود، وبعضهم كان يسكن في ركوعه بحيث تقع العصافير عليه كأنه جماد، كان ابن الزبير يصلي في الحجر، فيرمى بالحجارة من المنجنيق فما يلتفت، ووقع حريق في بيت فيه علي بن الحسين وهو ساجد فجعلوا يقولون: يا ابن رسول الله النار. فما رفع رأسه حتى طفئت. فقيل له في ذلك فقال: ألهتني عنها نار الآخرة. وقالت بنت لجار منصور بن المعتمر: يا أبت أين الخشبة التي كانت في سطح منصور قائمة؟ قال: يا بنيتي:ذاك منصور يقوم الليل، وسُرق رداء يعقوب بن إسحاق عن كتفه وهو في الصلاة ولم يشعر ورُدّ إليه فلم يشعر لشغله بعبادة ربه. وكل ذلك يقتضيه الطبع بين يدي من يعظم من أبناء الدنيا فكيف لا يتقاضاه بين يدي ملك الملوك عند من يعرف ملك الملوك وكل من يطمئن بين يدي غير الله عز وجل خاشعاً وتضطرب أطرافه بين يدي الله عابثاً فذلك لقصور معرفته عن جلال الله عز وجل وعن اطلاعه على سره وضميره. ◄  أحوال أصابع اليدين فى الصلاة ◄  كيف تكون أحوال أصابع اليدين أثناء الصلاة؟ ►  ثالثا: أحوال أصابع اليدين أثناء الصلاة وللْأَصَابِعُ فِي الصَّلَاةِ سِتُّ حَالَاتٍ إحْدَاهَا: حَالَةُ الرَّفْعِ مع التفريق وذلك أثناء تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ وَالرُّكُوعِ وَالرَّفْعِ مِنْهُ وَالْقِيَامِ مِنْ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ. الثَّانِيَةُ: حَالَةُ الْقِيَامِ وَالِاعْتِدَالِ مضمومة فَلَا تَفْرِيقَ سكونا وخشوعا ومنعا للعبث. الثَّالِثَةُ: حَالَةُ الرُّكُوعِ يُسْتَحَبُّ تَفْرِيقُهَا عَلَى الرُّكْبَتَيْنِ والقبض بها على مفصل الفخذ والساق. الرَّابِعَةُ: حَالَةُ السُّجُودِ يُسْتَحَبُّ ضَمُّهَا وَتَوْجِيهُهَا إلَى الْقِبْلَةِ كحال سائر أعضاء الجسد. الْخَامِسَةُ: حَالَةُ الْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ وَفِيهَا وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا كَالسُّجُودِ، وَالثَّانِي: تَرْكُهَا عَلَى هَيْئَتِهَا. وفى الحديث الصحيح عَنِ ابْنِ عُمَرَ: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا جَلَسَ فِي الصَّلَاةِ وَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ، وَرَفَعَ إِصْبَعَهُ الْيُمْنَى الَّتِي تَلِي الْإِبْهَامَ، فَدَعَا بِهَا وَيَدَهُ الْيُسْرَى عَلَى رُكْبَتِهِ بَاسِطَهَا عَلَيْهَا» السَّادِسَةُ: أثناء التَّشَهُّدُ تَكون الْيُمْنَى مَضْمُومَةُ الْأَصَابِعِ إلَّا فِي الْمُسَبِّحَةِ — وَفِي الْإِبْهَامِ خِلَافٌ — وَتكون الْيُسْرَى مَبْسُوطَةٌ. وَفِيهَا الْوَجْهَانِ — البسط والقبض — أثناء الْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ وَالصَّحِيحُ ضَمُّهَا. اليد اليسرى إما أن تكون مبسوطة، أو يُقبض بها على الركبة، وبكلتا الحالتين ثبت الحديث الصحيح ففى حالة البسط عَنِ ابْنِ عُمَرَ: «أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا قَعَدَ فِي التَّشَهُّدِ وَضَعَ يَدَهُ الْيُسْرَى عَلَى رُكْبَتِهِ الْيُسْرَى، وَوَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى رُكْبَتِهِ الْيُمْنَى، وَعَقَدَ ثَلَاثَةً وَخَمْسِينَ، وَأَشَارَ بِالسَّبَّابَةِ». وفى حالة القبض عَنْ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَعَدَ يَدْعُو، وَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى فَخِذِهِ الْيُمْنَى، وَيَدَهُ الْيُسْرَى عَلَى فَخِذِهِ الْيُسْرَى. وَأَشَارَ بِإِصْبَعِهِ السَّبَّابَةِ، وَوَضَعَ إِبْهَامَهُ عَلَى إِصْبَعِهِ الْوُسْطَى، وَيُلْقِمُ كَفَّهُ الْيُسْرَى رُكْبَتَهُ».. نسأل الله تعالى الهداية لنا ولسائر الأمة المحمدية ذكورها وإناثها والتوفيق للعمل على ما يحبه ويرضاه بأسمائه الحسنى وصفاته العلا والصلاة والسلام على سيدنا محمدومن والاه. هذا وبالله التوفيق ومنه وحده العصمة من الزلل والخطأ والخلل فى القول والعمل.والله أعلم"