13 سبتمبر 2025

تسجيل

وللقلب ذكاء

16 يونيو 2022

اعتدنا أن نشير للعقل بالذكاء، نفكر نخطط ونحفظ ومن خلاله يمتهن البعض عملية التنظير على الآخر، وقد تبدو الفكرة منطقية فأنا لم اضف ما هو خارق حتى ختام هذا السطر، فكما نشير للعقل بالمنطق والعقلانية فإننا نشير للقلب بالعواطف وتغليبه للمشاعر في مواجهة الأمور، ولكن ان كان الوعي مرتبطا بالعقل وابجديات الفكر الا ان ذكاء القلب هو مستوى أعلى من الوعي الذي ينشأ عندما تكون قادرا على دمج الذكاء البدني والعقلي والعاطفي والروحي. انا هنا لا اقدم دعوة لنبذ العقل وإنما للتصالح بينه وبين المشاعر التي بدونها قد يدفع العقل صاحبه لاقتراف الآثام والكوارث، لذا على قلوبنا أن تعرف عالم العقل وعلى عقلنا أن يتخذ قلباً واعياً دليلاً له، والحقيقة ان عبارة (ذكاء القلب) اثارت حفيظتي كثيراً حين سمعتها ففي البداية استغربتها ثم شعرت بمبالغة رنينها في اذني ثم بحثت في معناها وان كان هذا المعنى جزءا لا يتجزأ من تركيبتنا الإنسانية، لكن وقع العبارة كان له صفة الفخامة. في رواية “الخيميائي” التي قرأتها عدة مرات كان “ باولو كويلو” ينصح بالإصغاء للقلب قائلاً: حيث يكون قلبك يكون كنزك، وأنك لن تتوصل أبداً إلى إسكاته، حتى لو تظاهرت بعدم سماع ما يقوله لك، سيبقى هنا في صدرك ولن ينقطع عن ترديد ما يفكّر به حول الحياة والكون”. الحقيقة ان بعض العبارات او الأفكار نقرأها ونُعجب بها او قد تترك اثرها على ذواتنا لكننا لا نغوص كثيراً فيما تحمله من معانٍ بين سطورها، انه العمق الذي يلامس أرواحنا التي استسلمت للعقل المجرد من مسحة إحساسٍ بسيطة. أعود لعبارة “ ذكاء القلب” التي قد يراها البعض في الطيبة التي قد تُخالف أحيانًا منطق العقل، وهي التي تحملنا على أن ننسى الفروق الاجتماعية ونذكر أننا سواء في القيم البشرية، لكل منا مهما حقرت مكانته الاجتماعية أو كرامته البشرية، فمع مُسلّمات العقل تبدو الصورة مؤطرة بشكلٍ انيق لكنه لا يعكس احساساً يُرى بعين القلب، ألم تسمع يوماً احدهم يقول (اشوفك بعيون قلبي) وهل كان للقلب يوماً عيون غير تلك التي تتربع في وجوهنا !! إذاً فللقلب ذكاء له حساباته المختلفه عن حسابات ذكاء العقل. اذاً ليس الذكاء هو الشيء الهام بل ما يوجه هذا الذكاء كالنبل والطبع الانساني والقلب المتصالح، فلا تستهينوا بقلوبكم ابداً. وإن أراد البعض ان يستند على ما جاء علمياً، فالعلماء يتحدثون اليوم جدّياًّ عن دماغ موجود في القلب يتألف من 40000 خلية عصبية أي أن ما نسميه "العقل" موجود في مركز القلب، وهو الذي يقوم بتوجيه الدماغ لأداء مهامه، ولذلك فإن الله تعالى جعل القلب وسيلة نعقل به، وهو جلّ وعلا قد قال في كتابه الحكيم ( لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا ) [الأنعام: 179] والحقيقه ان كل خلية من خلايا القلب تشكل مستودعاً للمعلومات، والأحداث، ولذلك بدأوا يتحدثون عن ذاكرة القلب الذي يحمل دوراً مهماً في العلم والتعلم، حتى ان العلماء أشاروا فى نتائجهم إلى أن القلب يفكر ويعقل ويفهم ويتذكر، مشيرا إلى أن معهد رياضيات القلب الأمريكى خرج بنتيجة تؤكد أن للقلب دورا مهما فى العواطف والأحاسيس والإدراك والتعلم، وأن له مجالا كهربيا أقوى من المخ بكثير، كما أنه مسؤول عن توجيه المخ وأجهزة الجسم لأداء عملهم. بالمقابل يحتار الناس كثيرا حين يتخذوا قراراتٍ بقضايا مصيرية في الحياة كالوظيفة والزواج فيحسبون الأمر إما بالمنطق والعقل، أو أنهم ينصاعون إلى ما يريده القلب، وترتاح له النفس، لأننا اصبحنا نعلم ان للقلب ذكاء فعلينا ان نوازن بين الاثنين وكما نقول نمسك العصا من المنتصف. اذاً ذكاء القلب هو تدفق الإدراك والفهم والحدس الذي نختبره عندما يتم إحضار العقل والعواطف في محاذاة متماسكة مع القلب الذي يمتلك نظامًا عصبيًا معقدًا وجوهريًا وهو الدماغ. أخيراً،، كثيراً ما يصبح القلب في حالة تفكيرٍ والعقل تحت تأثير حالة حب. الإعلامية ابتسام الحبيل [email protected]