26 أكتوبر 2025

تسجيل

وكبرتِ يا ابنتي!

16 يونيو 2018

هاتفني صديقي متحدثا في نبرة تكسوها الحيرة: ( ابنتي كبرت أمام عيني، وأصبحت الآن في مرحلة المراهقة، وهي بعيدة عني الآن بحكم الغربة، وعندما تحدثت إليها شعرت بأنها تعاتبني، حيث إنني دائم الحديث معها عن دراستها وتفوقها والتزامها الأخلاقي، فشعرت بأنها تلمح لي بخصوص الحديث عن اهتماماتها ومشاعرها، فتساءلت: هل كنت على صواب في طريقتي معها؟ هل كنت على حق عندما انصب اهتمامي على المذاكرة والانضباط وفقط؟ وبدأت أستعيد شريط ذكرياتي: لم أتحدث معها يوما عن أحلامها ومواهبها، لم أمدح مرّة واحدة أناقة ملابسها، لم أخبرها شيئا عن جمال شعرها، لم أشاركها مشاعرها، ولا أدري الآن: ماذا يجب أن أفعل ؟! ) فأجبته: الأب! وما أدراك ما معنى الأب في حياة ابنته، الأب هو الرجل الأول وفارس الأحلام في حياة كل فتاة، مشاعره الأبوية تلعب دورا فريدا في حياتها، هو يمثل لها صورة الرجل الحقيقي أو (سوبرمان) في عينيها، بل أفضل رجل في العالم، فهي تريد أن تتربع وحدها على عرش الحب في قلبه، ولا شيء يمكنه أن يزعزع هذه الفكرة عن رأسها، ومسؤوليته كأب تستلزم إظهار الحب ومزيد من الثقة، لمواجهة العالم بسعادة وقوة في جميع مراحل حياتها، فالأب يحفر حياة ابنته. وقد أكدت الدراسات النفسية أن مرحلة المراهقة من أكثر المراحل التي تحتاج فيها الفتاة إلى أن تكون قريبة من والدها، لأنها تكون نفسيا قد بدأت تتشكل كامرأة وتريد أن تتعرف على الجنس الآخر بشكل أعمق، ويكون أول من تصادف في حياتها من هذا الجنس هو الأب، ما يجعل علاقة الأب بابنته في تلك الفترة مهمة جدا لأنها تتحكم في مدى توازنها النفسي. إن وجود الأب الإيجابي في حياة الفتاة يسهم في نجاحها، وكذلك فإن غياب صورة الرجل المتمثلة بوجود الأب في حياة الفتاة ينعكس أيضا سلباً على تعاملها مع الجنس الآخر، حيث ستجد نفسها مرتبطة بأي شاب أو رجل تشعر بالأمان معه، وقد تتعلق به بدرجة غير طبيعية، محاولة بذلك التعويض عن صورة الأب المفقودة، وتوفير الأمان والحماية التي تحتاج إليهما، وهو ما قد يدفعها للقبول بعلاقة تسيء إليها. جميل أن تخصص وقتًا كل يوم للحديث مع ابنتك، اخرجا معا للعشاء خارج المنزل، أو الذهاب في نزهة قصيرة حتى تزداد الثقة والمحبة بينكما، أخبرها بأنها جميلة، وقل لها ذلك في كثير من الأحيان، اهتم بكل شيء يخص حياتها مثل الصديقات، والحياة المدرسية، والإنجازات، أضحكها من خلال نكتة، ومتعها بالحديث عما يجري في حياتك أيضا من مواقف، دائما بين لها أنك تصدقها وتثق فيها، وعندها ستحبك، وتثق فيك، وتكون موضع سرها، ومحل مشورتها.