10 سبتمبر 2025
تسجيلgoogletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); ربما كان الظن الغالب لدى البعض أن داعش مؤامرة أجنبية أو فزاعة تستخدمها كل من الأنظمة العربية والعالمية على حد سواء لمواجهة حركات الإسلام السياسي من ناحية، ولتبرير الهيمنة على البلاد الإسلامية من ناحية ثانية. وهذا الظن ربما يكون صحيحا إلى حد كبير، لكن من الواضح أيضا أنه بعد هجومي أورلاندو وباريس فإن التنظيم بات يتمدد بصورة كبيرة ليس فقط داخل الدول العربية التي تعاني قهرا من حكامها، وإنما أيضا داخل الدول الأوروبية أيضا. ومن أشخاص ربما يقيمون فيها بصورة طبيعية يصعب معها القول بأن الدافع اضطرابات نفسية أو الفقر والعوز والحاجة. بل إن عدم التزام هؤلاء بالتعاليم الإسلامية منذ صغرهم كارتيادهم نوادي المثليين أو شربهم الخمر، يشير إلى أن الطريق إلى داعش بات هو السبيل من وجهة نظرهم للتكفير عن سيئات الماضي، وقد شجعهم على ذلك سهولة الانضمام للتنظيم الذي لا ينظر في السيرة الذاتية "الإيمانية" للشخص منذ الصغر، وإنما يكتفي بمبايعة "عن بعد" لخليفته أبي بكر البغدادي. ويلاحظ أن هؤلاء الذين نفذوا الهجمات الأخيرة، إنما فعلوها نكاية في مواقف الدول الأوروبية والولايات المتحدة من قضايا المسلمين في شتى أنحاء المعمورة، وبالتالي يعملون على إيلام هذه الدول في عقر دارها لاسيَّما وأنها باتت لا تشارك بصورة مباشرة في الحروب ضد التنظيم في سوريا والعراق، وإنما تكتفي بعمليات التدريب للجيوش الوطنية من ناحية، أو المشاركة من خلال القتال الجوي من ناحية ثانية.إن تزامن هذه العمليات مع الهجوم العنيف الذي يتعرض له التنظيم في كل من الفلوجة العراقية ومنبج السورية وسرت الليبية، يشير إلى أنه لا يزال قادرا على المواجهة، بل ربما يشير أحد التفسيرات إلى أن القيام بمثل هذه العمليات يأتي في إطار محاولة التخفيف عنه في هذه المواجهات الأخيرة.لقد برز على السطح في الدول الأوروبية والولايات المتحدة أخيرا اتجاه يحمل هذه الدول المسؤولية التضامنية عن بروز داعش وتمددها بهذه الصورة الكبيرة ليس في المنطقة العربية فحسب، وإنما داخل أوروبا وأمريكا. وبالتالي فإن الحل من وجهة نظرهم لا ينبغي أن يقتصر فقط على الجوانب الأمنية والمشاركة المباشرة في العمليات القتالية ضد التنظيم فحسب، أو تعميق ظاهرة الإسلاموفوبيا وتوسيع نطاقها لتشمل كل ما هو مسلم سواء أكان مظلوما أو مقهورا رجلا كان أو إمرأة أو شيخا أو طفلا صغيرا، وإنما الأمر من وجهة نظرهم يتمثل في ضرورة فتح حوار مباشر وجدي مع مختلف التيارات الإسلامية لمعرفة أسباب انضمام الشباب لداعش، ومدى مشروعية الأفكار والمطالب المطروحة، وكيف يمكن وقف تمدد التنظيم أفقيا ورأسيا. صحيح أن هذا الطرح يواجهه طرح آخر يمثله اليمين المتطرف في أوروبا وأمريكا، والذي يعمل على توظيف الحدث لصالح القضاء على المسلمين وليس على داعش "تيار ترامب"، إلا أن السير وراء هذا الاتجاه قد لا يساهم في حل المشكلة، بل تعقيدها. لا بد أن تدرك هذه الدول أن بروز داعش وتمددها لا يرجع فقط إلى فهم خاطئ لتعاليم الدين الإسلامي، وإنما للممارسات الخاطئة لبعض الدول العربية والإسلامية بحق شعوبها، والتي تواجه بصمت، بل وتأييد أوروبي وأمريكي، وهو ما يجعل هذه الدول التي ربما اخترقت داعش ووظفتها لصالح أجندتها، تكتوي بنيرانها أيضا. ويبدو أن القادم أسوأ ما لم يتم الوقوف على الأسباب الحقيقية للظاهرة والعمل على علاجها.