11 سبتمبر 2025

تسجيل

الاستعلاء بالأسباب

16 يونيو 2015

من أكبر المشكلات التي يعاني منها الكثيرون استعلاؤهم بالأسباب التي يمتلكونها وهم لا يعلمون أن الأسباب قد تكون موجودة اليوم ولكنها لن تكون لديهم في غدهم مهما بلغ بهم الأمر فالإنسان في هذه الحياة هو كائن قابل لفقد أي ملكية مهما كانت في يده ومطمئناً لها بل إن هذا الاستعلاء والعجب بما في اليد هو أحد أخطر الأمراض التي تصيب الإنسان في حياته وقد لا يعلم عنها الكثير ويتعاملون مع مثل ذلك بنوع من التكبر النفسي والثقة المفرطة التي قد تكون سبباً في هلاكه بشكل أو بآخر.ولابد أن نعرف أن أصل كل الأخلاق المذمومة هو الاستعلاء والكِبر وهي صفات شيطانية أسسها وبرع فيها وتبناها إبليس منذ خلق آدم بل هو كبيرهم وتلميذه الأكبر في التاريخ البشري هو فرعون ملك مصر؛ فهؤلاء الاثنان بطلان في تاريخ الاستعلاء والتكبر.وعندما نعلم أن الحياة قانون إلهي في كل أمر فلابد أن نعرف قانونا مهما جداً في هذه الحياة والذي جاء على لسان الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم والذي قال (حق على الله أن لا يرتفع شيء من الدنيا إلا وضعه) فكل ارتفاع في هذه الدنيا لابد ان يعود للانخفاض وعندما يتلبس هذا الارتفاع بمزيج من الكبرياء والاستعلاء فلاشك أن وضعه سيكون أسرع لأنها ستكون عقوبة وليست دورة حياتية.وهنا لابد أن نفهم جيداً ان الثقة المفرطة والإعجاب بالنفس والاطمئنان لما في اليد يندرج ضمن الأمراض النفسية التي لا تقل خطورة عن الحسد والحقد والكراهية بل إنه يهلك صاحبه دون أن يعلم ولنعد لوصية لقمان في القرآن الكريم فيقول الله عز وجل ( ولا تصعِّر خدك للناس ولا تمش في الأرض مرحاً إن الله لا يحب كل مختال فخور ) وهذا أعتبره درسا مهما وشاملا في علم العلاقات العامة ثم يقول ( واقصد في مشيك ) فقراءة هذه الآية بتمعن نعلم من خلالها أهمية التواضع الذي لا يصل بالإنسان لمرتبة إذلال نفسه بل مع حفظ كرامتها وأن لا نصل بأنفسنا لمرحلة الإعجاب التي تجعلنا في منزلة الاستعلاء والكبر لتكون سبباً في كراهية الناس لنا.الحياة مع المجتمع بكل تفرعاته فن في التعامل لا يستوي من غير قانون أخلاقي ونفسي يتبع في كل الأحوال ويقيس لكل أمر مقياسه الصحيح الذي يوازي واقعه فالناس في المجتمع درجات نفسية وفكرية ومجتمعية علينا أن نمتلك ملكة قياسها والتعامل معها حسب واقعها دون الإخلال بقانون الحياة الرباني الذي مع غيابه تختل الموازين فتنشأ تلك الأمراض التي هي داء هذا العصر وللأسف إن الكثير منا يجهل لغة القانون في حياته وتغيب عنا في الكثير من الأمور وأختم هنا بآية عظيمة وسرها أعظم وحفظها أمان وترديدها في كل أمر مخرج وفهمها حياة (ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شيء قدرا).