14 سبتمبر 2025

تسجيل

قيمة الكتاب ودور نشر الكويت !

16 مايو 2024

من الصور الجميلة التي لا تغيب تفاصيلها عن ذاكرتي.. ذكريات المدرسة، خاصة الأنشطة التي كنت أحرص على التسجيل فيها منذ بداية العام الدراسي؛ النشاط الفني الرسم، ونشاط القراءة في المكتبة. تبقى لحروف الكتاب قيمة روحية وفكرية بما يحمله بين دفتيه من عمق فكر وتجربة وسيرة ذاتية، وخيال كاتب رواية وقصص وحكايات، وتلك الخواطر والمشاعر وبوح الروح بأجمل القصائد التي دونت بصدق إحساس وموقف وتجربة ومشاعر، والقيمة العلمية والأدبية التي يقدمها كاتبها بصدق وسنوات بحث ودراسة لتكون علما ينتفع به، بصدق علم قائم على منهجية ليكون مراجع ودراسات تحفظ لأصحابها حقوقهم الفكرية، ودراسات تبنى عليها دراسات أخرى. تحرص الدولة متمثلة بوزارة الثقافة على تنظيم معرض الدوحة الدولي للكتاب في نسخته الثلاثة والثلاثين، والذي يأتي هذا العام تحت شعار: «بالمعرفة تُبنى الحضارة». ويكون التنظيم دائماً مميزاً ومختلفاً وثرياً ثقافياً.. التجول في معرض الكتاب وبين أرفف دور العرض والتنقل من دار نشر لأخرى متنقلا بين العناوين الكثيرة وأسماء كتابها أو ناقليها، أن تقف بحب القارئ والكاتب والهاوي والعاشق للأبجدية ولون حبر ورائحة طباعة وورق.. وأشكال تدوينها ورسمها بحروف وكلمات وجمل، شعرا وقصة ومقالا وخاطرة، يعني قيمة الذات في إدراكها قيمة اختيار ومرافقة كتاب، بحرص وعناية اختيار رفقته في حل وترحال كرفقة صديق أمين.. لا نمل ولا يمل منا. يأتي معرض الدوحة الدولي للكتاب هذا العام بحرص المنظمين على تخصيص مرشد قراءة.. فكرة جميلة تشجع على القراءة واقتناء الكتب والأهم اكتشاف شخصية الشخص باهتماماته وتوجهه الفكري. دور المرشد الفعلي يبدأ بالاهتمام بالكتاب من البيت واهتمام أولياء الأمور بقيمة الكتاب ومناقشته مع أبنائهم وتخصيص مكتبة يتم تزويدها باختياراتهم من الكتب واهتماماتهم، ومرورا بالمدرسة وأنشطتها وزيارة معارض الكتب التي تستضيفها الدولة وتنظمها الجامعات في قطر، أو زيارة دور النشر المحلية والأهم تخصيص أيام معينة لزيارة مكتبة قطر الوطنية والتعرف على الزخم الكبير للعناوين وعلى نظم الاشتراك والاستعارة وغيرها من خدمات مميزة، مع كل استضافة لمعرض الكتاب تتعدد وتكثر العناوين والأسماء لمؤلفين وكتاب ودور النشر، وتلاحظ الطوابير التي تقف من مراهقين وشباب لتوقيع كتاب وتحديدا عند دور النشر القادمة من دولة الكويت التي تتبنى بعض دور نشرها طباعة كتب لأسماء غير معروفة أدبياً وثقافياً وإنما ربما أخذت شهرة بوسائل التواصل الاجتماعي، ورغم الازدحام والزخم وكمية العرض.. إلا أن البقاء للكاتب الحقيقي الذي يكتب لذاته قبل غيره.. الكاتب الذي يكتب لعموم فائدة وقيمة يقدمها.. البقاء للحروف التي دونت تجربة حقيقية وإبداع وتميز موهبة حقيقية تجعل اسم الكاتب خالدا وباقيا وحاضرا، وتجعل وجود اسمه ومؤلفه ضمن المكتبة ثروة لا تقدر بثمن.. الكاتب الحقيقي يولد وينشأ بموهبة الكتابة التي تكتشف من المعلم وتشجيعه؛ لتكون جزءا من شخصيته وحديثه وتعامله وتواضعه. هناك مؤلفات خالدة دونت سنوات رحلة عمر وخبرة وتجارب ولم تكن طلبا لشهرة ومسايرة الموضة وجلوس خلف مكتب وتوقيع كتاب، يدرك القارئ الحقيقي، المستوعب للحروف والقارئ لما بين السطور؛ مدى صدق الكاتب، ويسمع نبرة صوته وصدق روحه وعمق فكره، من خلال حروفه وكلماته، يدرك عمق ما يكتبه وما يجعل لاسمه بقاء وديمومة، يبحث عن كتبه وعناوين لقلمه قبل غيره من مدعي الثقافة!، يبحث عن الصدق في المؤلف لأنه وجد معه صدق الحرف وصدق وأمانة التجربة وصدق المشاعر التي تنبض بها الحروف والعبارات والجمل. اختيار عنوان لكتاب لرفقته، وتخصيص مكان له وزمان لقراءته يعني أن الإنسان أوجد ساعة من الزمن لينصت لعقل وروح لم يلتقه أبدا، خاصة أولئك المبدعين من رحلوا عنا تاركين إرثا لا يمكن تعويضه أو طمسه ونسيانه. نحن في نعمة عظيمة أن نكون تحت ظل قيادة جعلت من الإنسان وبناء فكره المعرفي والثقافي ووجوده وإسهامه سببا رئيسيا في تنمية الدولة التي تعتمد على المعرفة والإنسان.. نحن في نعمة عظيمة بأننا أمة «اقرأ».. آخر جرة قلم: يبقى الكتاب رفيقاً وصديقاً وصاحباً أميناً بحجم صدق وأمانة وموهبة كاتبه، وصدق نقله وتدوينه وتجربته، أن تكون كاتباً حقيقياً يعني أن سيرتك الذاتية ثرية بتجاربها، وحروف كتاب كتب بصدق وموهبة وتجارب حقيقية تبقى خالدة لا يتلاشى ويندثر وقعها وأثرها على العقول والقلوب والأرواح. لتضيف لهم ما فقدوه في رحلة حياتهم بخبرة تجارب وسير ذاتية وتاريخ حقيقي لغيرهم.