13 سبتمبر 2025
تسجيلقسّمت الكاتبة الدكتورة أسماء معيكل روايتها «تلُّ الورد» إلى عدة فصول، تبدأ بعنوان منفصل، يجري في رويّ عبر الراوي العليم، وتتناوب الشخصيات في كلِّ فصل، تعلن عن مواقفها، في اتساق تام مع حبكة الرواية، وهذا ما رفع الإرباك الذي يحصل لدى القارئ عندما تتداخل الشخصيات في كلِّ فصل. صوّرت الكاتبة معاناة اللاجئين السوريين، سواء في معابر الخروج إلى تركيا، أو المعابر الغربية إلى هولندا، إلا أن الحبكة اقتضت، بعد أن تم لم شمل عائلة (عمران)، أن يحدث صدام الأفكار والسلوكيات، إذ كيف لإنسان عاشَ في عالم النظافة والنظام، وحقوق الإنسان، والسكن المجاني، والتعليم المجاني، والراتب أيضاً، أن يعود إلى بلد مُدمَّر، والموتُ يقبع في كُلِّ زاوية وفي كُلِّ مسجد!؟ بعد ضياع الابن (حيّان) الذي حوّلت العائلة الهولندية اسمه إلى (حنّا)، لأنها عائلة مسيحية، يعود الوالدان خائبَين إلى قرية (تلّ الورد) ليجداها بَلقعاً، خصوصاً وأن أم (عمران) قد أصابها الجنون، و(كافي) يحملها (عمران) فوق كتفيه، بعد أن تمكّن منها المرض، ويدفنها مع أخته (باهرة) تحت شجرة، بعد أن اكتظت المقبرة - (بستانُهم) الذي تحوّل إلى مقبرة - بالجثث. في مشهد دراماتيكي، يكتشف (عمران) أن أخاهُ (ربيع) لم يمت، كما أشاعت (الجماعة الإسلامية)، بل شاهدهُ (عمران) واخته (باهرة) يمشي مع (الدهلوج)، جارهم الذي هو الآخر فقد عقله، بعد أن سقط عليه برميلٌ متفجر، وصارا يأكلان الجيف والقطع الآدمية!. تربط الكاتبة حكاية (أشورينا) ذات الجمال الرائع ووحيدة أهله، وكيف أنها كانت (مرصودة) من قبل مارد، وقرر والدُها مَن الشخص الذي سيفوز بحبها؛ تقول الرواية: «ففي إحدى الليالي الباردة، هبّت رياح عاتية، وجلبت معها أسراباً من الطيور الغريبة، وبينما كانت (آشورينا) جالسة تغني في البستان صباحاً، انتفض أحدُ الطيور الغريبة، وتحوّل إلى كائن غريب، له جسد إنسان، ووجه شيطان، وذيل كلب، ثم انقضَّ عليها واغتصبها، بعدها عاد مرة أخرى إلى ما كان عليه، وحلّق بعيداً، ومن ذلك اليوم، توقفت (آشورينا) عن الغناء، وبعد فترة من الزمن، وبينما كانت جالسة في البستان حزينة تفكِّر فيما جرى لها، نزل أحدُ طيور البستان بجوارها، انتفض ثم تحوّل إلى رجل قبيح المنظر، وانقض عليها واغتصبها، وعاد إلى هيئته الأولى، رفرف بجناحيه، وحطَّ على غصن قريب يراقبها، وهي تنتحب. بعد ذلك، تكالبت عليها الطيور، في كُلِّ مرة يأتيها طائر يختلف عن الآخر، بعضها كان غريباً عن المكان، وبعضها من المكان نفسه، يتناوبون على اغتصابها، لم يدرِ بها أحد، لكنَّ والديها لاحظا أنها بدأت تفقد جمالها، وتغيّر صوتها العذب، فاعتقدا أن ذلك بتأثير المارد، وقد حلما بمجيء فارس يُحررها من ذلك المارد، طال انتظارُهما، ولم يأت أحد، وفي كُلِّ يوم كانت (آشورينا) تذبل، لم يحتمل الأب رؤية ابنته على تلك الحال، فهامَ على وجهه في البراري، ووجدوه ميتاً جوار صخرة، ولم تحتمل الأم رؤية ابنتها تنطفئ، ففقدت عقلها، ولم تعد تعي شيئاً». إن مصير (آشورينا) هو نفسه مصير (كافي) و(باهرة) بل ومصير سوريا بأكملها، واستحضار قصة (آشورينا) جاء مُحكماً وفي اتساق مع أحداث الرواية. ربطٌ مُوفق ووثيق بين الأحداث، وانتقالٌ سلس حتّمته الأحداثُ الحقيقية التي جرت في سوريا، وتطوّرٌ للشخصيات أثرى الرواية، تماماً كما هي لغة السرد التي تجعل القارئ يواصل قراءة الرواية حتى الصفحة 382، والتي تختم الرواية بأنشودة: خضرة يا بلادي خضرة رزقك فوّار محروسة بعين القدرة تبقى هالدار