27 أكتوبر 2025
تسجيليعمل ناصر في إحدى المؤسسات التي تعاني من الحزبية والشللية، بالإضافة للألاعيب والحيل التي يقوم بها زملاؤه. ولأنه كان يبتعد عن الخوض في هذه المعارك اليومية، فلم يحصل على الترقية التي يستحقها أسوة بزملائه — الذين يجيدون هذه الألاعيب —. نصحه صديقه بالتوجه للمدير الذي كان منذ سنوات في نفس مكانه وعانى مثله. استبشر ناصر خيراً؛ فالمدير سيشعر بمعاناته بما أنه مر بها سابقاً. لكن المدير فاجأه برده بأن عليه بذل المزيد من الجهد، وأضاف بأن الشخص المميز هو دائماً مميز مهما كانت البيئة التي حوله. استغرب ناصر من رد المدير، فبالرغم من أنه مر بنفس التجربة ولكنه لم يتعاطف معه!. تشير احدى الدراسات التي اطلعت عليها مؤخراً أن الشخص الذي مر بتجربة مريرة في السابق أقل تعاطفاً من الشخص الذي لم يمر بنفس التجربة. فالمديرة التي لديها أبناء أقل تعاطفاً من الرجل مع الموظفة التي ستنجب قريباً. والمدير الذي عانى من تأخر ترقية يستحقها في وقت سابق أقل تعاطفاً من مدير لم يعان من هذه التجربة مع الموظف الذي يمر بنفس التجربة حالياً. خَلُصَتْ الدراسة إلى أن أسباب هذه الظاهرة هي: أن الشخص عندما يمر بمعاناة ويخرج منها، فإنه عادة يخرج وقد انتفخت ثقته بنفسه، فيزدري الذين لا زالوا يعانون الآن ويهوّن من معاناتهم، ومع الوقت سينسى المشاعر والآلام النفسية المصاحبة لتلك المعاناة. بالإضافة لسبب آخر وهو الوقوع في فخ فجوة التعاطف (تحدثت عنه في مقال سابق). أقول لمن يعاني حالياً من أية ضغوط: لا تتأمل كثيراً أن يتعاطف معك من مر بنفس المعاناة. وأقول لمن جاءه من يشكي معاناة كان قد مر بها سابقاً: لا تنسى ماضيك.