15 سبتمبر 2025
تسجيلستة وستون عاما.. مضت على إنشاء الكيان الصهيوني, الذي لم ينفع معه أسلوب التفاوض وقد امتد 21 عاما, آخرها مفاوضات التسعة أشهر والتي لم تزد فيها إسرائيل إلا تعنتا في رفض الاعتراف بالحقوق الوطنية الفلسطينية, واشتراط شروط جديدة على الفلسطينيين والعرب مقابل الاعتراف بكيان ذاتي هزيل منزوع السيادة للفلسطينيين, وسلام مقابل سلام وليس سلاما مقابل الأرض مع العرب, شريطة أن يعترف الجانبان الفلسطيني والعربي بـــ "يهودية دولة إسرائيل"، وبـــ مراعاة الطرفين لكل ما يتطلبه الأمن الإسرائيلي. معروف أن إسرائيل رفضت ما يسمى بــ "مبادرة السلام العربية" التي انبثقت عن قمة بيروت في عام 2002.. النظرة الموضوعية للواقع الإسرائيلي بعد ما يزيد عن الستة عقود على إنشاء هذا الكيان تشي بأن التطور الحاصل في هذه الدولة هو ازدياد عنصريتها وعدوانيتها. في الذكرى66 للنكبة، وبنظرة موضوعية إلى الداخل الإسرائيلي، ليس صعبا على المراقب أن يلاحظ وبلا أدنى شك أن جملة التطورات التي حدثت على الصعيدين الرسمي والاجتماعي في المدى المقارب لما يزيد عن ستة عقود ونصف العقد زمنيا منذ الإنشاء، تتلخص في الجنوح مزيداً نحو اليمين.. ذلك أن الأيديولوجيا الصهيونية، ذات الجذور التوراتية، ما زالت هي الأساس والمنبع للسياسيات الإسرائيلية في المناحي المختلفة.أي أننا أمام صورة أبقت على المضامين المختلفة التي جرى تشريعها ما قبل وعند إنشاء الدولة، كأهداف إستراتيجية ومنها تلك التي ما زالت تطرح في الإطار الشعاراتي: مثل، يهودية الدولة وعقيدة الأمن الإسرائيلي. أما بعض الأهداف الإستراتيجية الأخرى، فقد بقيت تحمل نفس المضمون ولكن مع اختلاف بسيط في نمطية الشعارات المطروحة لتحقيقها مقارنةً مع مثيلاتها لدى ترسيم ولادة الدولة.. هذه الشعارات أخذت تبدو وكأنها أكثر مرونة، لكنها المرونة التكتيكية التي لا تتعارض مع الجوهر، بل هي تتواءم وتصل حدود التماهي معه، ولكن مع الحرص على إعطائها شكلاً انتقالياً جديدا للتحقيق، وذلك لاعتبارات سياسية وإقليمية ودولية تحتم هذا الشكل الانتقالي، ولكن على قاعدة الاتكاء على ذات الأيديولوجيا.. فمثلاً، فإن الهدف في إنشاء دولة إسرائيل الكبرى، والذي كان مطلباً ملحاً ما قبل وعند إنشاء الدولة، أصبح مهمة صعبة التحقيق في المرحلة الحالية (هذا لا يعني نفي الهدف ولا عدم مراودته لأحلام معظم اليهود الصهاينة)... وبالتالي فإن السيطرة تحولت آنيا من الشكل المباشر عبر الاحتلال إلى شكل آخر غير مباشر وهو السعي لتحقيق ذات السيطرة من خلال السيادة والهيمنة والتحكم الاقتصادي والسياسي. في نفس السياق، يأتي التعامل الإسرائيلي مع الفلسطينيين وقضيتهم في الضفة الغربية وقطاع غزة، بالولوج إلى شكل توافقي يحقق الهدف الإستراتيجي في "الدولة اليهودية" دون الاصطدام مستقبلاً بالقنبلة الديموغرافية التي يشكلها الفلسطينيون مستقبلاً. فمن مبدأ التنكر المطلق لحقوقهم الوطنية، باعتبار أراضيهم تشكل يهودا والسامرة ـ والتي هي جزء من إسرائيل التاريخية إلى إعطائهم ما تتصوره نمطاً من الحقوق يجمع ما بين بقاء السيطرة الفعلية الإسرائيلية كعامل متحكم في شؤونهم السيادية باستثناء إشرافهم المباشر على القضايا الحياتية، ومن مبدأ الترانسفير والتخلص المباشر من معظمهم إلى خلق وقائع اقتصادية وسياسية واجتماعية وأمنية عسكرية تدفع بالكثيرين منهم إلى الهجرة الطوعية.إسرائيل حددت لاءاتها بالنسبة للحقوق الفلسطينية قبل اتفاقيات أوسلو التي قدمت لها خدمات جليلة، أما بالنسبة لكيفية التعامل الإسرائيلي مع فلسطينيي الخط الأخضر، والتي تعتبرهم إسرائيل (مواطنيها)، فإن 66 سنة من وجود الدولة لم تكن كافية لأن يحصل العرب على حقوقهم وأن يتساووا مع اليهود.. بل ارتفعت هذه العنصرية الممارسة تجاههم، ومؤخرا تم فرض أكبر عدد من القوانين العنصري ضدهم. بعد 66 عاماً من وجود الدولة الإسرائيلية، يلاحظ مدى التطور الحاصل في مفهوم العدوان على قاعدة من لنظرة الاستعلائية، الشوفينية، العنصرية، التي تفترش الشارع الإسرائيلي طولياً وعرضياً والتي ستتنامى ليصبح اليمين هو النسبة الأكبر في السنوات القليلة القادمة. الدولة الصهيونية بعد 66 عاما على إنشائها لم تزدد إلا عنصرية وصلفا وشوفينية وعدوانا ويمينية.. ولا يمكن إقامة أي سلام مع هذه الدولة, هذا ما لا نقوله نحن فقط وإنما واقع الصراع الفلسطيني العربي – الصهيوني...