11 سبتمبر 2025
تسجيلهرع مدير الإدارة ونائبه مسرعين لمكتب الوكيل، وعلامات الجزع والقلق تعلو محيا وجهيهما، وما إن وصل إلى مكتب سكرتير الوكيل حتى بادر مدير الإدارة بالكلام بشكل متلعثم فقال «السلام عليكم، بوسعد موجود؟»، رد السكرتير «نعم موجود وعنده بوسالم وبوراشد (مدراء إدارات) داخل، شسالفه عسى ماشر؟»، أجاب مدير الإدارة «زين انهم عنده، مافيه شي بعدين بقولك بس لا تخلي حد يدخل علينا إلا إذا كان مدير إدارة». دخل مدير الإدارة ونائبه على الوكيل الذي كان معتليا كرسيه الكبير وراء مكتبه الضخم، وما إن رأى المدير ونائبه حتى قال «زين انكم جيتوا، أظن موضوعكم نفس موضوع الجماعة (يقصد بوسالم وبوراشد)»، يرد مدير الإدارة بسرعة وانفعال «يعني دريت عن اللي صار طال عمرك، شرايك يعني يصير هل الكلام؟»، يرد الوكيل محاولا تهدئة التوتر الذي انفجر في مكتبه فيقول «هدوا اعصابكم ما صار الا الخير»، يقاطع بوسالم الوكيل ويقول «اي خير طال عمرك، انا خدمتي اكثر من ثلاثين سنة في هل الوزارة منها عشر اسنين مدير إدارة واللحين عقب هل الخدمة اشتغل قوطي (القوطي مفردة عامية معناها علبة معدنية وجمعها قواطي، وتستخدم كتشبيه لمن لا شغل له أو فائدة منه)»، يرد الوكيل بكل هدوء «لك الحشيمة والكرامة يا بوسالم، الله يهداك وسع صدرك، وكل شي بينحل إن شاء الله «، يتدخل بوسعد في الموضوع فيقول «اي بينحل الله يسلمك، صدق بوسالم كلنا بهل الطريقة والأسلوب نصير مجرد قواطي لا نهش ولا نش»، يتشجع مدير الإدارة ليدلي بدلوه فيقول «يا طويل العمر انت تدري ان احنا في مناصبنا علينا مسؤوليات وواجبات ومحاسبين على العمل اللي نقوم به ولازم تكون هناك فيه ثقة فينا علشان نئدي (نؤدي) شغلنا على اكمل وجه، لكن مسألة ان الصلاحيات تنخذ منا ولا نقدر نشك خيط بأبره الا بعد مراجعة مكتب الوزير، فهذا يعرقل العمل بصراحة ويأخر مصالح الناس، وانت تدري ان هذي وزارة خدمية يعني احنا في وجه المدفع قدام المجتمع والرأي العام والإعلام»، يصمت مدير الإدارة فيتحدث بوسالم مرة أخرى فيقول «يا طويل العمر ما يصير تنسحب صلاحيتنا منا، اصل وصفنا الوظيفي معطينا هل الصلاحيات علشان نقدر نخدم الناس ونقوم بأعمالنا على اكمل وجه، لكن يصير الموضوع مركزية ودكتاتورية بهل الطريقة فهذا يعرقل العمل، عيل ليش الدولة حاطتنا وتصرف علينا اذا كان جميع اعمال مدراء الإدارات بيقوم بها شخص واحد، عيل خلاص خلهم يقعدونا في البيت اوفر لميزانية الدولة». ويستمر الجدال بين الوكيل والمدراء في موضوع سحب جميع الصلاحيات منهم، بين تذمر المدراء ومحاولة التهدئة من قبل الوكيل، وأخيرا يقول الوكيل «يا جماعة انا حاس فيكم وانا بعد كني اياكم مهمش نوعا ما، ولكن اصبروا لين اقابل الوزير واتناقش معاه في هذا الموضوع، وان شاء الله بترجع الامور كما كانت واحسن، فوزيرنا جديد على الوزارة واعتقد انه يحاول فهم أسلوب العمل والتأكد من أن الإجراءات تمشي حسب اللوائح والأنظمة، والموضوع ماله علاقة في انه ما يثق فيكم، وعلى كلن انتوا سوا اللي مطلوب منكم وفي الاخير الوزير هو المسؤول عن وزارته المكلف بها». وفي النهاية ينصرف الجميع ما عدا مدير الإدارة الذي جلس وكأنه يريد أن يقول كلمة الفصل، فيخاطب الوكيل قائلا «اسمع طال عمرك من جهتي انا بحط ريل على ريل (رجل على رجل) واي موضوع بيوقف برسل المراجعين لك ولا لمكتب الوزير، لأني بصراحة ما اقدر اشتغل بهل الطريقة» ينهي مدير الإدارة حديثه وينصرف غاضبًا وغير مقتنع بتعامل الوكيل مع القضية. وختاما أقول: من حق أي مسؤول جديد أن يتأنى في الثقة بالغير والإشراف المباشر على جميع الأعمال التي تختص بها مسؤوليات منصبه، وعلى الجميع التعاون وبذل قصارى جهدهم في إثبات قدراتهم لكسب الثقة في إطار العمل المؤسسي، ولكن من المجحف أن تدار الأعمال بمركزية ودكتاتورية يكون نتاجها سحب الصلاحيات وعرقلة الأعمال والمصالح.