23 سبتمبر 2025

تسجيل

حين يكون الحدث.. في المكان الخطأ

16 أبريل 2017

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); الموروثات والتحف والمخطوطات التي تمثل الشعوب بأزمانها وأماكنها، أصبحت اهتمام الكثير من الدول، بهدف التواصل الثقافي والفكري، والاستقطاب المجتمعي والعالمي، فتنقل حضارات الدول وتاريخها الى متاحفها للتقريب والتعريف، فالكثير من المتاحف القائمة الآن تحوي بين نطاقها من المقتنيات الفنية، والمخطوطات التاريخية والآثار الاسلامية والفنون لمختلف الحضارات والدول بأزمانها وشعوبها وعصورها ومذاهبها، بحيث يستطيع الزائر الاطلاع عليها عن قرب، ويدرك تاريخ وعادات وموروثات وحياة الشعوب القديمة بمختلف العصور والأزمان. وما متحف الفن الإسلامي في الدوحة إلا أحد المتاحف المشهورة، الذي يجسد ويترجم الحضارة الإسلامية بمختلف العصور والأزمان كما علمنا ورأينا. ولاشك أن من تطأ قدماه، أرضية المتحف يدرك عن قرب كيفية النسيج الفكري والثقافي والفني والاجتماعي والمعيشي لتلك الحضارات، فبالإضافة إلى التميز الجمالي المعماري الهندسي للمتحف داخل البحر، هناك المقتنيات الفنية، التي تبلغ حوالي 800 قطعة، يعود تاريخها من القرن السابع حتى القرن التاسع عشر بما فيها بلدان من الشرق الأوسط، وإسبانيا والهند من مشغولات معدنية، ومخطوطات وتحف فنية نادرة وعملات ومجوهرات وزجاج يعود تاريخها الى ما قبل الحقبة الاسلامية، الصفوية والساسانية والأموية والعباسية، بالإضافة إلى الفعاليات القائمة من محاضرات وبرامج تعليمية تتعلق بالتاريخ والمعمار والفن والخط الإسلامي، ومنها على سبيل محاضرة قيمة لتاريخ قطر قدمها الفنان محمد علي عبد الله "الديوان الأميري: بحث في العمارة والتاريخ"، وكان من محاورها التعرف على خلفية تاريخية عن مدينة البدع، والتحولات السياسية والاجتماعية في شمال قطر، وبعض إشكاليات التسميات والغموض في تحديدها، وعن الديوان الأميري والشواهد المصورة والتاريخية على تطوره، والمراحل المختلفة لشيوخ قطر، وأثرهم على المكان، وكم كنت أتمنى أن تسرد مثل هذه المعلومات التاريخية للأجيال ليكونوا على صلة بتاريخهم وقصص المكان وما شهده من أحداث وتغيرات وتحولات. كما أن المتحف منارة علمية للدارسين والباحثين من جميع الدول، لما يحويه من مخطوطات قديمة وكتب تراثية وزخارف معمارية إسلامية، لذلك فإن ارتباط المتحف بالنسيج الإسلامي من خلال إبراز دور الحضارة الاسلامية وما قدمته من تراث تاريخي وثقافي وعلمي ومعماري وفني للبشرية، جعل الكثير في المجتمع يستنكرون ويستغربون ما قام به المتحف منبر الحضارة الإسلامية، والثقافة الإسلامية، والمقتنيات الاسلامية مؤخرا من استقبال عارضات أزياء لمجلة ألمانية لعرض أزيائها، والاستغراب الأشد تدعيم الاستقبال بتوظيف شباب بالزي الوطني يحملون فوانيس في أيديهم، وتناقلت وسائل التواصل الاجتماعي تلك المشاهد بالاستنكار والاستفسار والاستغراب! باعتبار أن عروض الأزياء لها أماكنها الخاصة، والطابع العام للمتحف طابع حضاري إسلامي، فلماذا تم اختيار المتحف كمكان للعرض، واختيار الواجهة للاستقبال والإعلان والتصوير!! ولماذا تم اختيار الزي القطري وإبرازه بهذه الصورة!! كما أنه ليس هناك ارتباط بين الفوانيس والزي الوطني باعتبار أن الفوانيس ليست من الموروثات القطرية القديمة، والزي الوطني له قيمته الوطنية المجتمعية، وتحرص الدولة على المحافظة عليه كرمز وطني، وعدم زجه في عروض لا تتناسب مع قيمته وفي المكان الخطأ. فإذا كان الهدف من العرض لأزياء إسلامية وعربية من ضمن أهداف المعرض وأنشطته تماشيا مع المقتنيات والمعروضات في المتحف كالفنون التشكيلية والهندسية والمعمارية والأنشطة والفعاليات الأخرى للاطلاع على الأزياء التقليدية للمجتمعات الحضارية باختلافها، اذن لماذا لم يتم عرضها وعرض النسيج والمشغولات اليدوية الخاصة بالزي والملابس التقليدية القديمة في الداخل كما هي المقتنيات الأخرى، فالكثير من المتاحف الفنية في مختلف دول العالم تعرض أزياء تقليدية ونسيجا ومواد خاصة بالزي للتعريف دون عارضات أزياء وصخب موسيقي للمحافظة على الهوية والعادات، والطابع العام لأهدافها ورسالتها، ولاشك أن الانفتاح على الثقافات والموروثات الأخرى، والتمازج بينها وبين الثقافات بحرية دون احتكار وتقبل الآخر، واحترام الآخر، والتسامح مع الآخر والتواصل مع التاريخ والموروثات باختلاف الديانات والمذاهب والأفكار مطلب مجتمعي وحضاري وهذا هو التوجه السامي الذي من أجله تم تأسيس متحف الفن الإسلامي في الدوحة ليكون مركزا للمعلومات والإبداع والبحث والحوار مع المحافظة على الهوية الوطنية، والموروث الوطني والطابع الاسلامي، ليكون فعلا منارا إسلاميا لجميع الحضارات الإسلامية، كما هو عليه الآن. [email protected]