19 سبتمبر 2025
تسجيلعرفتُ خلال سنوات تدريسي الجامعي منذ العام 1983 وحتى اليوم، بعض حالات الغَش، ولعل أهمها الغَش عبر الوريقات الصغيرة (البرشامات)، وبعدها عبر الهاتف أو الساعات الإلكترونية، في العصر الحديث! وكنتُ أحلُّ تلك الحالات بتسويات حسب الأصول الأكاديمية المعروفة، دونما تنازل أو حياد عن التقاليد الأكاديمية! وفي العصر الحديث أيضاً يوجد الغش التجاري، والذي تضطلع به الدوائر الاقتصادية التي تبحث في حالات الغش وتضع له الضوابط القانونية لحماية المجتمع من أضراره. ولكن أَشدّ ما حيّرني هو الغش الأدبي !؟ والذي لاحظته خلال العام الماضي، خصوصاً بعد معرض الدوحة للكتاب. فلقد قرأت روايتين لكاتب وكاتبة! ولمستُ تَغيّراً واضحاً في أساليب هذين الكاتبين، كوني قرأتُ لهما قبلَ أقل من تسعة شهور بعضاً من كُتبهما، ووجدتُ فروقاً واضحة في شكل الكتابة وعُمق الفكرة، واتساع رقعة الخيال، وكذلك المفردات الخاصة بزمن الرواية، بل والنقلات الزمنية المحبوكة، إضافة إلى تطوِّر الحالات النفسية لشخوص الرواية ولغة البديع، وكل ذلك لم يكن موجوداً في العمل الذي سبقَ عمليهما الأخيرين الذي أنا بصدده! فلقد تحولت الكتابة لديهما من حالات الوعظ المباشر، وتشتُت الفكرة، والأخطاء النحوية، والتسطيح المعرفي للحدث، وغياب حبكة العمل، إلى الكتابة الجادة والفنيات التي تقتضيها لغة الرواية وخصائصها السردية. بما في جمال التصوير والاستعارات المُتقنة، واتساق المفردات مع حسن ضبط أدوات الترقيم، وغيرها من أساسيات العمل الروائي، والتي لم تكن موجودة في أعمالهما السابقة. كما غابت لهجة الرَوي المباشرة، أو أسلوب استدرار الفكرة أو الأحداث والتكلُّف في وضعها في نسق سردي، بل كانت تلك الكتابة تتلمس الطريق في اتجاه سطحي وتقليدي وفوتوغرافي مباشر، وفجأة ظهرت لديهما تراكيبُ ليست من مفرداتهما أو حتى بيئتهما، كما لاحظت وجود توليفات لغوية واستعارات، لم تكن موجودة في كتبهما السابقة !؟