16 سبتمبر 2025
تسجيلحيث تتعلق أطماعهم بما عندك من المال، بخلاف الأبعدين، فربما لا يعرفون عنك شيئاً، وذلك يغرس بينك وبينهم بذرة المودة والمحبة، وهذا له أثر كبير للتعاون، وأصل ذلك في التنزيل 1 — في حياتك:{قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خير فللوالدين وللأقربين}[1] 2 — {وَأُولُو الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ}[2]3 — فى الصحيح: فى أوجه النفقة الشرعية «ابْدَأْ بِنَفْسِكَ فَتَصَدَّقْ عَلَيْهَا، فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ فَلِأَهْلِكَ، فَإِنْ فَضَلَ عَنْ أَهْلِكَ شَيْءٌ فَلِذِي قَرَابَتِكَ، فَإِنْ فَضَلَ عَنْ ذِي قَرَابَتِكَ شَيْءٌ فَهَكَذَا وَهَكَذَا» يَقُولُ: فَبَيْنَ يَدَيْكَ وَعَنْ يَمِينِكَ وَعَنْ شِمَالِكَ "[3] 2 — وعند وفاتك،، و{كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ}. 3 — وبعد الدفن عند توزيع التركة بتقسيم الله تعالى:{لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ}[4] ومن هذه النصوص من الوحيين: لا مانع شرعاً من دفع زكاة مالك الواجبة وصدقاتك التطوعية لأقربائك وحتى لإخوانك ولأخواتك بشرط الاستحقاق، وعن فضل وجزاء إيثار الأقارب بالمعروف مع الاستحقاق فى الصحيح لك: " أَجْرَانِ: أَجْرُ الْقَرَابَةِ، وَأَجْرُ الصَّدَقَةِ "[5] وفى الصحيحين — عندما أعتقت مَيْمُونَةَ بِنْتَ الحَارِثِ — رضي الله عنها جاريتها وَلَمْ تَسْتَأْذِنِه — صلى الله عليه وسلم — قَالَ: «أَمَا إِنَّكِ لَوْ أَعْطَيْتِهَا أَخْوَالَكِ كَانَ أَعْظَمَ لِأَجْرِكِ»[6]ومن أوجه المعروف بالأقارب النصيحة فى التنزيل: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ}[7] وفى الصحيح " «الدِّينُ النَّصِيحَةُ» قُلْنَا: لِمَنْ؟ قَالَ: «لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ»[8] والرحم من خاصة العامة، فحقها فى ذلك مقدم، وذلك من المعروف للدلالة على الخير والتحذير من الشر، والتعاون على البر والتقوى، فأحق الناس بدعوتك هم أهلك وأقرباؤك، تدلهم على طريق الجنة، وتأخذ بأيديهم إلى صراط الله المستقيم، فإن من سعادة المؤمن يوم القيامة أنه إذا دخل الجنة جمع الله له قرابته إذا كانوا مسلمين. وقاعدة ذلك أن صلتهم بالإيمان من شعب الإيمان، فى الصحيح —: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليصل رحمه"[9] ومن ذلك كفُّ ألسنة الناس عن أذيتهم وهجائهم، وعدم استسباب أو التسبب فى سب الناس لهم، فى الصحيحين "اسْتَأْذَنَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ رَسُولَ اللهِ — صلى الله عليه وسلم — فِي هِجَاءِ المُشْرِكِينَ، فَقَالَ: "فَكَيْفَ بِنَسَبِي؟ ". ورواية مسلم «كَيْفَ بِقَرَابَتِي مِنْهُ؟»فَقَالَ حَسَّانُ: وَالَّذِي أَكْرَمَكَ لأَسُلَّنَّكَ مِنْهُمْ كَمَا تُسَلُّ الشَّعَرَةُ مِنَ العَجِينِ"[10]. أي: لَأُخَلِّصَنَّ نَسَبَكَ مِنْ نَسَبِهِمْ بِحَيْثُ يَخْتَصُّ الْهَجْوُ بِهِمْ دُونَكَ. وسَبَبُ هَذَا الِاسْتِئْذَانِ فى الصحيح قَالَ — صلى الله عليه وسلم — "اهْجُوا الْمُشْرِكِينَ فَإِنَّهُ أَشَدُّ عَلَيْهِمْ مِنْ رَشْقِ النَّبْلِ فَأرْسل إِلَى بن رَوَاحَةَ فَقَالَ اهْجُهُمْ فَهَجَاهُمْ فَلَمْ يَرْضَ فَأَرْسَلَ إِلَى كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى حَسَّانَ فَقَالَ قَدْ آنَ لَكُمْ أَنْ تُرْسِلُوا إِلَى هَذَا الْأَسَدِ الضَّارِبِ بِذَنَبِهِ ثُمَّ أَدْلَعَ لِسَانَهُ فَجَعَلَ يُحَرِّكُهُ ثُمَّ قَالَ وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَأَفْرِيَنَّهُمْ بِلِسَانِي فَرْيَ الْأَدِيمِ قَالَ لَا تَعْجَلْ " ونموذجين من حياة الفاروق أحدهما: فى الصحيحين: أَصَابَ الفاروق أَرْضًا بِخَيْبَرَ، فَأَتَى النَّبِيَّ — صلى الله عليه وسلم — يَسْتَأْمِرُهُ فِيهَا،قائلا: إِنِّي أَصَبْتُ أَرْضًا بِخَيْبَرَ لَمْ أُصِبْ مَالًا قَطُّ أَنْفَسَ عِنْدِي مِنْهُ، فَمَا تَأْمُرُ بِهِ؟ قَالَ: «إِنْ شِئْتَ حَبَسْتَ أَصْلَهَا، وَتَصَدَّقْتَ بِهَا» قَالَ: فَتَصَدَّقَ بِهَا عُمَرُ، أَنَّهُ لاَ يُبَاعُ وَلاَ يُوهَبُ وَلاَ يُورَثُ، وَتَصَدَّقَ بِهَا فِي الفُقَرَاءِ، وَفِي القُرْبَى وَفِي الرِّقَابِ، وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَابْنِ السَّبِيلِ، وَالضَّيْفِ لاَ جُنَاحَ عَلَى مَنْ وَلِيَهَا أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا بِالْمَعْرُوفِ، وَيُطْعِمَ غَيْرَ مُتَمَوِّلٍ قَالَ: فَحَدَّثْتُ بِهِ ابْنَ سِيرِينَ، فَقَالَ: غَيْرَ مُتَأَثِّلٍ مَالًا""[11] وهذا هو أصل مشروعية الوقف، والثاني فى الصحيح: رَأَى الفاروق حُلَّةَ سِيَرَاءَ تُبَاعُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ابْتَعْ هَذِهِ وَالبَسْهَا يَوْمَ الجُمُعَةِ، وَإِذَا جَاءَكَ الوُفُودُ. قَالَ: «إِنَّمَا يَلْبَسُ هَذِهِ مَنْ لاَ خَلاَقَ لَهُ» فَأُتِيَ — صلى الله عليه وسلم — مِنْهَا بِحُلَلٍ، فَأَرْسَلَ إِلَى عُمَرَ بِحُلَّةٍ، فَقَالَ: كَيْفَ أَلْبَسُهَا وَقَدْ قُلْتَ فِيهَا مَا قُلْتَ؟ قَالَ: «إِنِّي لَمْ أُعْطِكَهَا لِتَلْبَسَهَا، وَلَكِنْ تَبِيعُهَا أَوْ تَكْسُوهَا» فَأَرْسَلَ بِهَا عُمَرُ إِلَى أَخٍ لَهُ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ "[12]، ونموذج أبو طلحة فى الصحيحين: كَانَ من أَكْثَر الأَنْصَارِ بِالْمَدِينَةِ مَالًا مِنْ نَخْلٍ، وَكَانَ أَحَبُّ أَمْوَالِهِ إِلَيْهِ بَيْرُحَاءَ، وَكَانَتْ مُسْتَقْبِلَةَ المَسْجِدِ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْخُلُهَا وَيَشْرَبُ مِنْ مَاءٍ فِيهَا طَيِّبٍ،: فَلَمَّا أُنْزِلَتْ: {لَنْ تَنَالُوا البِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ}[13] قَامَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَقُولُ: {لَنْ تَنَالُوا البِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ}[14] وَإِنَّ أَحَبَّ أَمْوَالِي إِلَيَّ بَيْرُحَاءَ، وَإِنَّهَا صَدَقَةٌ لِلَّهِ، أَرْجُو بِرَّهَا وَذُخْرَهَا عِنْدَ اللَّهِ، فَضَعْهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ حَيْثُ أَرَاكَ اللَّهُ، قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «بَخٍ، ذَلِكَ مَالٌ رَابِحٌ، ذَلِكَ مَالٌ رَابِحٌ، وَقَدْ سَمِعْتُ مَا قُلْتَ، وَإِنِّي أَرَى أَنْ تَجْعَلَهَا فِي الأَقْرَبِينَ» فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ: أَفْعَلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَسَمَهَا أَبُو طَلْحَةَ فِي أَقَارِبِهِ وَبَنِي عَمِّهِ"[15]، إنك بوضعك للمعروف فى أقاربك وإيثارك إياهم على غيرهم مع الاستحقاق؛ إنما تجمع بين الحسنيين، ثواب الدنيا وحسن ثواب الآخرة وبالله التوفيق.