15 سبتمبر 2025
تسجيلقلنا إن الحمد لله تشمل التوحيد والحمد - كُلَّ حَمْدٍ ممكن - للخلائق بل المخلوقات جميعا عاقلها وغير عاقلها- أَتَى بِهِ أَحَدٌ مِنَ الْحَامِدِينَ أو لَمْ يَأْتِ بِهِ أَحَدٌ مِنَ الْحَامِدِينَ فَهُوَ لِلَّهِ، فيَدْخُلُ فِيهِ جَمِيعُ الْمَحَامِدِ الَّتِي ذُكِرَت عن مَلَائِكَةالْعَرْشِ وَالْكُرْسِيِّ وَسَاكِنى أطباق السموات وَجَمِيعُ الْمَحَامِدِ الَّتِي ذُكِرَت عن جَمِيع الْأَنْبِيَاءِ مِنْ آدَمَ إِلَى مُحَمَّدٍ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ وَجَمِيعُ الْمَحَامِدِ الَّتِي ذُكِرَت عن جَمِيع الْأَوْلِيَاءِ وَالْعُلَمَاءِ وَجَمِيع الْخَلْقِ وَجَمِيعُ الْمَحَامِدِ الَّتِي سَيَذْكُرُونَهَا إِلَى وَقْتِ قَوْلِهِمْ: "دَعْواهُمْ فِيها سُبْحانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيها سَلامٌ وَآخِرُ دَعْواهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ"، كُلُّ هَذِهِ الْأَقْسَامِ الَّتِي لَا نِهَايَةَ لَهَا دَاخِلَةٌ تَحْتَ قَوْلِ الْعَبْدِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ فالحمد كله لله وهو سبحانه وتعالى أهل لكل المحامد وليس ذلك لأحد إلا الله تعالى. واسمع ما قالت الملائكة عندما أعلمها الباري بجعل خليفة فى الأرض ".. قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ" وهاك خبر المولى عنها عموما "وَالْمَلَائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ" "..وَمَنْ عِنْدَهُ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلَا يَسْتَحْسِرُونَ. يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ" وخصوصا حملة العرش "وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ" و"الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ" وكذا الظواهر الكونية " وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلَائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ " وكان من التكليف لصفوة الخلق وأمته بالحمد والتسبيح مقرونا بتكاليف أخرى كالصبر والعبادة بإطلاق والتوكل والاستغفار والتوبة، بل يُحدد له أوقات التحميد والتسبيح " فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ. وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ" "فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى" "فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَار" "فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ. وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَارَ السُّجُودِ" "وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ.وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ" "وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ وَكَفَى بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا" ويُخبر تعالى أن الخلائق المختلفة لا تنفك عن التسبيح بحمده بلغاتها التي لا تلتبس على باريها" تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا" وفى آخر العمر يتوجب الاستعداد للرحيل وللقاء الله تعالى ويكون بالإكثار من الحمد والتسبيح والاستغفار والتوبة فيقول تعالى له في آخر ما أنزل عليه "..فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا" ويوم البعث تنهض الخلائق من أجداثها مسبحة بحمد الله تعالى "يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ وَتَظُنُّونَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا" ولا يكتمل الإيمان ويتم إلا بالتسبيح بحمده عز من قائل "إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ" بل لا يفى بالعهد مع الله ببيع النفس والمال مقابل الجنة إلا من اتصف بمجموعة صفات فى قمتها الحمد له عز من قائل" إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ. التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ" فعندما يقول العبد " الحمد لله" بأداء الاستغراق " الألف واللام" فكأنه يحمد الله تعالى بجميع المحامد التي حمده بها جميع الخلائق من الملائكة والبشر والحجر والشجر والأنبياء والأولياء والعلماء وأهل الجنة حتى مستقرهم فى الجنة — جعلنا الله تعالى منهم بغير سابقي عذاب ولا سالفي حساب ولا عتاب اللهم آمين. قال الإمام ابن القيم: وبالجملة فكل صفة عليا واسم حسن وثناء جميل وكل حمد ومدح وتسبيح وتنزيه وتقديس وجلال وإكرام فهو لله عز وجل على أكمل الوجوه وأتمها وأدومها، وجميع ما يوصف به ويذكر به ويخبر عنه به فهو حمد له وثناء وتسبيح وتقديس، فسبحانه وبحمده لا يحصى أحد من خلقه ثناء عليه بل هو كما أثنى على نفسه وفوق ما يثني به عليه خلقه، فله الحمد أولاً وآخراً حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه كما ينبغي لكرم وجهه وعز جلاله ورفيع مجده وعلو جده. قال القرطبي: فيجب على كل مكلف أن يعتقد أن الحمد على الإطلاق إنما هو لله وأن الألف واللام للاستغراق لا للعهد، فهو الذي يستحق جميع المحامد بأسرها، فنحمده على كل نعمة وعلى كل حال بمحامده كلها ما علم منها وما لم يعلم... ثم يجب عليه أن يسعى في خصال الحمد وهي التخلق بالأخلاق الحميدة والأفعال الجميلة. وهذا حمد أعضل الملائكة كتابه وحصره رَوَى ابْنُ مَاجَهْ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّثَهُمْ: "أَنَّ عَبْدًا مِنْ عِبَادِ اللَّهِ قَالَ يَا رَبِّ لَكَ الْحَمْدُ كَمَا يَنْبَغِي لِجَلَالِ وَجْهِكَ وَعَظِيمِ سُلْطَانِكَ فَعَضَلَتْ بِالْمَلَكَيْنِ فَلَمْ يَدْرِيَا كَيْفَ يَكْتُبَانِهَا فَصَعِدَا إِلَى السَّمَاءِ وَقَالَا يَا رَبَّنَا إِنَّ عَبْدَكَ قَدْ قَالَ مَقَالَةً لَا نَدْرِي كَيْفَ نَكْتُبُهَا، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا قَالَ عَبْدُهُ مَاذَا قَالَ عَبْدِي قَالَا يَا رَبِّ إِنَّهُ قَدْ قَالَ يَا رَبِّ لَكَ الْحَمْدُ كَمَا يَنْبَغِي لِجَلَالِ وَجْهِكَ وَعَظِيمِ سُلْطَانِكَ فَقَالَ اللَّهُ لَهُمَا اكْتُبَاهَا كَمَا قَالَ عَبْدِي حَتَّى يَلْقَانِي فَأَجْزَيهُ بِهَا هذا وبالله التوفيق.