17 سبتمبر 2025

تسجيل

نحتاج إلى القوي الأمين

16 مارس 2024

يظن كثير من الناس أن وضعه الحالي جيد ومقبول أو أنه ليس الأسوأ على كل حال، وبعضهم يعتقد أن ظروفه سيئة وإمكاناته محدودة، ولذلك فإن ما هو فيه لا يمكن تغييره، والحقيقة أن المرء حين يتطلع إلى التفوق على ذاته والتغلب على الصعاب من أمامه سوف يجد أن إمكانات التحسين أمامه مفتوحة مهما كانت ظروفه. ونرى كثيرا منهم لا يفرق بين منزلة الإنسان عند الله، والتي معيارها التقوى، وبين صلاحية هذا الإنسان لتولي زمام القيادة والقيام بمهمة التغيير، فليس كل صالح قويا. فالمؤمن الفعال الذي يقوم بمهمة النهوض بهذه الأمة من غفلتها الحالية مهمة شاقة وعسيرة لا يقدر على القيام بها إنسان عاجز ضعيف الشخصية، قليل القدرات والمهارات حتى ولو كان على قدر كبير من الصلاح والتقوى. فالأمين غير القوي لا يستطيع القيام بمهام الوظيفة الموكلة إليه التي تحتاج إلى القوي، والقوي غير الأمين لا يؤتمن فيما هو موكل إليه من مهام وقد تقود عدم أمانته إلى نفس النتيجة وهي عدم الإنجاز إضافة إلى الفساد والاستيلاء على المال العام. ولذلك نجد النبي صلى الله عليه وسلم يقول في أبي ذر رضي الله عنه: "ما أقلت الغبراء ولا أظلت الخضراء من رجل أصدق لهجة من أبي ذر، ومع ذلك يمنعه النبي صلى الله عليه وسلم من تولي الإمارة، ويقول له: "يا أباذر إني أراك ضعيفا، فلا تولين إمرة اثنتين". إن أراد الإنسان أن يعيش وفق مبادئه، وأراد إلى جانب ذلك أن يحقق مصالحه إلى الحد الأقصى، فإنه بذلك يحاول الجمع بين نقيضين، إنه مضطر في كثير من الأحيان أن يضحي بأحدهما حتى يستقيم له أمر الآخر، وقد أثبتت المبادئ عبر التاريخ أنها قادرة على الانتصار تارة تلو الأخرى، وأن الذي يخسر مبادئه يخسر ذاته، ومن خسر ذاته لا يصح أن يقال إنه كسب بعد ذلك أي شيء. إن قطرات الماء حين تتراكم تشكل في النهاية بحراً، كما تشكل ذرات الرمل جبلاً، كذلك الأعمال الطيبة فإنها حين تتراكم تجعل الإنسان رجلا عظيما، وقد أثبتت التجربة أن أفضل السبل لصقل شخصية المرء هو التزامه بعادات وسلوكيات محددة صغيرة، ليكن الالتزام ضمن الطاقة وليكن صارماً فإن (أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل). همسة ينبغي أن تفهم أبناءك وتحترمهم بعيداً عن المجادلة والكلام العقيم.