24 سبتمبر 2025
تسجيلثقافة المشروع تعني تلك الوضعية التي تجعل من الواقع المعاش أساساً لمشروعها، منه تنطلق ومع عناصره ومعطياته تتفاعل، أما المشروع الثقافي أو العلاج بالثقافة فهو البحث والتنقيب في ملفات تاريخ الأمة السابق لإيجاد الحلول رغم تغير الأزمان وتبدل الأحوال أي اعتماد النقل فيما يتحمل إجهاد العقل فيه لإيجاد الحلول. أعتقد أننا كأمة بحاجة إلى ثقافة المشروع وليس في حاجة إلى الثقافة كمشروع لإيجاد الحلول لمشكلاتنا المعاصرة، وهناك فرق كبير بين الاعتبار بالماضي وحوادثه وبين استيراد الحلول من بين جوانبه وملفاته. بينما ثقافة المشروع تعني إيجاد الأرضية المناسبة لقيام مشروع عربي لمواجهة تحديات الأمة وإيجاد مثل هذه الأرضية يحتمل أبعاداً كثيرة ومتعددة، بحيث تأخذ شكل انصهار يعقبه تشكل لرؤى جديدة (في مناطق متعددة من العالم تشكلت مثل هذه الأرضية بعد الدخول في حروب أهلية طويلة).. ووضعنا العربي اليوم ينطلق من ثقافتنا، من لغتنا، وليس من واقعنا، من ماضينا وليس من حاضرنا، من طواحين الهواء وليس من مصانع الإنتاج، ثقافة المشروع تتطلب الحاضر والواقع، استدعاء الثقافة لعلاج مشاكل الواقع كعدل عمر وبطولة صلاح الدين ينتج مخيالاً لا يزال يكبر في أذهان الأجيال حتى يصبح عقبة لا يمكن تحققها في الواقع، لكن ثقافة المشروع تضع خريطة طريق وخطوات عمل راهنة تحقق العدل والمساواة بوسائل يمكن قياسها، كما يفعل الغرب والشرق وكل الأمم الحية، ليس لدينا ثقافة مشروع ولكن لدينا ثقافة متخمة نستخدمها لجميع الأغراض بل حتى للأمر ونقيضه. إشكاليتنا في الثقافة هي في جعلها مشروعاً في حد ذاته وليست ذاتاً أو وجوداً ينتج ثقافته.