14 سبتمبر 2025

تسجيل

متلازمة الظواهر السلبية

16 مارس 2021

أُطلقت تسمية "متلازمة ستوكهولم" نسبة إلى حادثة حدثت عام 1973 في مدينة ستوكهولم عاصمة السويد، حينما سطا مجموعة من اللصوص على بنك كريديتبانكين، واحتجزوا بعضاً من موظفي البنك رهائن لمدة ستة أيام، خلال تلك الفترة بدأ الرهائن يرتبطون عاطفياً مع الجناة، وقاموا بالدفاع عنهم بعد إطلاق سراحهم. ويعتبر المتخصصون أن متلازمة ستوكهولم نوع من الارتباط الذي له علاقة بالصدمة، ولا يتطلب بالضرورة وجود حالة خطف، فهو ترابط عاطفي قوي متين بين شخصين أحدهما يضايق ويعتدي ويضرب ويخيف الآخر بشكل متقطع ومتناوب، وإحدى الفرضيات التي تفسر هذا السلوك، تفترض أن هذا الارتباط هو استجابة الفرد للصدمة وتحوله لضحية، فالتضامن مع المعتدي هو إحدى الطرق للدفاع عن الذات، فحين تؤمن الضحية بنفس أفكار وقيم المعتدي فإن هذه الأفكار والتصرفات لن تعتبرها الضحية تهديداً أو تخويفاً. وهذه الفرضية الأخيرة نجدها تماماً متطابقة مع ما نعيشه من تناقضات نحن ضحاياها وأصبحنا نتعايش معها ونعتاد عليها، كأن نرى العادات السيئة الدخيلة علينا ونسكت عنها ولا نستنكرها ومن يستنكرها سرعان ما يكون منبوذاً لا ملتفت له ويوصف بالرجعي المتخلف الذي يُحارب التحرر وتمازج الحضارات والثقافات، صار العيب مقبولاً والسفاهة شائعة ومستحسنة عند أبناء هذا الجيل على وجه الخصوص، وأصبح بعض نجوم مواقع التواصل الاجتماعي قدوات وبهم يرتقي المجتمع بما يطرحونه من مواضيع رخيصة ولا قيمة لها تُسفّه العقول وتزدري كل من يحمل على عاتقه صلاح وعفة مجتمعه ويصدح بصوت الحق ضد كل فكر هدّام سفيه لا هم له إلا جمع المال عبر بذل كل فعل لا يقبله عقل وتتلقفه شياطين الإنس بالقبول والاستحسان! متلازمة الظواهر السلبية تعيشها العديد من مجتمعاتنا العربية منذ زمن طويل وصرنا نعاني منها كشعوب خليجية نكتوي بنارها بعد ردح من الزمن قاومت فيها عاداتنا وتقاليدنا هذا العدو المتربص الذي تمكن ومن خلال أوجه عديدة كالإعلام والتكنولوجيا الحديثة من بث سمومه ونشر السييء منه وحجب النافع حتى وصل إلى مبتغاه وأصبح واقعاً مزرياً نتعايش معه ولا نستطيع التخلص منه! ومن المُلفت عندما تتلاعب بنا قوى خارجية وأخرى داخلية لترويج أفكارها المناقضة لديننا وعاداتنا وتقاليدنا، ثم لا تلبث هذه الأفكار إلا وانتشرت وأصبح لها قبولاً وتهافتاً خاصة بين فئة المراهقين والشباب وهم من تستهدفهم عادة تلك القوى ليقينهم بأنهم هم وسيلتهم للوصول إلى مبتغاهم لتحقيق الربح المادي ومآربهم الأخرى، فعندما ينتشر منتج غريب يستنقص عقول مستهلكيه كـ " المراضع " للكبار لاستخدامها لتناول القهوة أو المشروب المفضل في المقاهي فهذا استخفاف للعقول وتسفيه لها، ومؤشر خطير بأن الأمة في انحدار لن يعقبه إلا الانهيار التام في الأخلاق والقيم والمبادئ ! عندما نرى المسؤول الفاسد يمارس سطوته على كل من يعملون تحت إمرته و "يطفّش" و "يهمّش" و "يُقصي" أصحاب الكفاءات والذمم والمبادئ ويضع مكانهم من يُقدمون له فروض السمع والطاعة ولا نرى مستنكراً ولا شاجباً فإننا نكون حينها مصابين بهذا الداء ولا علاج لنا إلا بتصحيح جوهرنا ودواخلنا وإعلان الثورة التصحيحية لتنقية وتطهير نفوسنا من هذه المتلازمة التي لن تتركنا إلا بعد أن تحطم كل المبادئ والقيم السامية الباقية في القلة منّا!! فاصلة أخيرة محاربة الظواهر السلبية التي تطرأ على المجتمع مسؤولية كل فرد في المجتمع، فحصانة المجتمع منوطة بإدراك الجميع بأهمية تكاتف أفراده لمواجهة هذه الظواهر بالقول والعمل لحماية المجتمع من تداعياته الخطيرة. ‏[email protected]