18 سبتمبر 2025

تسجيل

الأب والتعليم

16 مارس 2021

لن تجد نعمة الحب غير المشروط إلا في حدود العائلة من أم وأب وأخ وأخت هؤلاء هم عماد أي إنسان في هذه الحياة، هم من تستطيع أن تلجأ لهم فتجدهم في انتظارك، هم من يعبرون لك بالأفعال والأقوال. أكتب هذا المقال بعد أن قرأت خبرا عن منح لقب البطل الخارق لأب أفغاني كان يذهب بابنته كل يوم مسافة ١١ كيلو بالدراجة وذلك لتتلقى التعليم في احدى المدارس، بالإضافة إلى انتظارها يومياً مدة ٤ ساعات قبل أن يعود بها للبيت. وهو أمر لم أجده جديداً أو مستغرباً، فأنا كوني فتاة قطرية من عائلة متمسكة بالدين والعادات والتقاليد منحت هذا النوع من التفاني والحب من جانب جميع أفراد عائلتي، وقد برز هذا الحب في مجال التعليم نظراً لكونه مجالا مهما في حياة الفرد، فوجدتهم بجانبي طوال سنوات دراستي فقد اصطحبني أبي بسيارته خلال رحلتي التعليمية من أول ابتدائي إلى ختام المرحلة الثانوية. ومن ثم جاء الدور على أمي لكي أستكمل معها الرحلة خلال الفترة الجامعية نظراً لكون دخول الامهات في مناطق الانتظار أسهل فقد خصصت جامعة قطر مناطق للانتظار مكيفة ومجهزة خلال الفترة التى درست فيها وهي بداية الألفية، كانت تلك الصالات تضج بعدد من الأمهات اللائي يقضين الوقت في تبادل الأحاديث أو قراءة القرآن. وإنني أحمد الله على كوني كبرت في ظل مثل هذه العائلة التي نقلتني من حياة إلى حياة أخرى دون الحاجة لكلمة امتنان واحدة، ويؤسفني ما أراه الآن من الأجيال الحديثة وطريقة استغلالهم لهذه اللحظات. إن التعليم إحدى ركائز الحياة التي نحياها وهو يعد أداة مهمة نستطيع من خلالها تقويم السلوكيات المختلفة والمختلة التي قد تطرأ على الأسرة خلال نموها. فمثلاً خلال رحلة الصباح للمدرسة يتمكن الوالدان من الالتقاء بأبنائهما على طاولة الإفطار لتبادل الأحاديث والنصائح السريعة، ومن ثم تأتي رحلة الطريق الذي يمتد من ١٥ دقيقة الى نصف ساعة في بعض الأيام وهو وقت يستطيع من خلاله الآباء تقويم السلوكيات ونقل معارفهم لابنائهم، وهذا الأمر نجده سهل التكرار في رحلة العودة من المدرسة وخلال جلسة الغداء. إن رحلة واحدة من ذهاب أو إياب خلال اليوم أو اليومين كفيلة بتقريب أواصر المودة بين أفراد العائلة، المشاغل لا تتوقف أو تقل لكن هذه اللحظات إن مضت دون استغلال سيندم الوالدان على التفريط بها. وإنني أرى تقصيراً من الجيل الجديد من الآباء لا نعلم له سبباً وقد نرجعه إلى كبر الفجوة التكنولوجية والثقافية بين الآباء والابناء. لكن يبقى الحب غير المشروط الذي يوليه الآباء لابنائهم أمرا لا يمكن التشكيك به. وأتمنى ألا يتم اللجوء للفكر الجندري الذي يطمح إلى تهميش الدور الأبوي وجعله في اطار سلبي خارج الدور الأسري المنوط به. فالأب هو الأمن والأمان والحماية والاستقرار، وبدونه لا يمكن للأسرة أو المجتمع أن يكون مستقراً متماسكاً. أشهر ما قيل عن الأب: أب واحد خير من عشرة مربين (جان جاك روسو). لا يغفو قلب الأب، إلا بعد أن تغفو جميع القلوب (ريشيليو). [email protected] @shaikhahamadq