14 سبتمبر 2025

تسجيل

مريم الخاطر والقدس وتونس وجعيط وحزب قطر

16 مارس 2012

الأستاذة مريم الخاطر كتبت مقالا في جريدة الشرق بتاريخ 12 مارس تحت عنوان "هل سنزور القدس ونصلي في الأقصى؟" وراحت تروي قصتها عندما كانت طالبة دراسات عليا في إحدى الجامعات الأمريكية في واشنطن العاصمة. وتابعت قولها: إن برنامجا دراسيا تطبيقيا كان من المفروض إنجازه في فلسطين المحتلة والأردن عن مسيرة السلام، كانت العزيزة مريم الخاطر متحمسة للمشروع الدراسي وسجلت اسمها قبل أن تغلق قائمة الراغبين في السفر إلى القدس وما حوله، لكنها صدمت برفض شريك حياتها أبو الأولاد حفظه الله لأنه كان على علم بفتاوى القيادات الإسلامية كالشيخ ابن باز والشيخ القرضاوي وغيرهما من أهل السنة والجماعة وكذلك اتباع الفقه الجعفري، لم يكن ذلك فحسب بل تجاوزهم البابا شنودة الذي منع اتباع الكنيسة القبطية من الحج وزيارة الأرض المقدسة فلسطين طالما بقيت تحت الاحتلال الصهيوني، والمنع عندي يتجاوز الفتاوى الدينية في قوته والالتزام به. لماذا (لا) لطلاب العلم من العرب؟ أقول يا سيدتي العزيزة مريم: نعم (لا) وألف (لا)، الآن المعلومات عن الانتهاكات الصارخة التي ستذهبين إلى فلسطين المحتلة من أجل جمعها قادرة على الحصول عليها من أوثق المصادر وأكثرها حيادية فلا داعي للسفر إلى هناك، وهل تعتقدين بحسك الوطني وحس آل بيتك الطاهرين آل خاطر ومعرفتك بتاريخ إسرائيل بأنك تستطيعين أن تشكلي بزيارتك ومن معك ضغطا على إسرائيل وتأكيد عروبة القدس عن طريق تلك الزيارات؟.. إن إسرائيل سترحب بكل الزائرين العرب لفلسطين وبما في ذلك مدينة القدس ولكن عن طريق تل أبيب مطار بن غوريون، وذلك من أجل تعظيم العائدات السياحية والسياسية، فهل نقبل بذلك وأهل فلسطين في غزة والضفة ممنوعون من الاقتراب إلى حدود هذه المدينة المقدسة حتى في أيام الجمع وأعياد المسلمين والمسيحيين؟. إن الدعوة لزيارة مدينة القدس التي يدعو لها السيد محمود عباس تعتبر أحد عوامل الإصرار على عروبة المدينة المقدسة وعونا لأهلها اقتصاديا قول حق يراد به باطل، والباطل هو دعوة العرب جهرا وفي مؤتمر دولي وعربي من أجل القدس وحمايتها إلى شد الرحال إلى الأقصى حتى ولو كان تحت حراب قوى الاحتلال أمر يثير السخرية والسؤال المثار: كم من الضرائب ستدخل في خزائن المحتل من جراء الزيارات المطلوبة في الوقت الذي يمنع فيه أصحاب الحق من الفلسطينيين من زيارة مدينة القدس؟ بل إنهم يقومون بترحيلهم من منازلهم عن المدينة المقدسة، وحجة أن الرسول محمد عليه السلام دخل مكة ودخل الحرم المكي في عهد كفار ومشركي قريش وأصنامهم تملأ أركان الكعبة قولا مردودا عليه فمحمد عليه السلام دخل وطنه وسار بين كفار مكة ومعظمهم من أهله وأقاربه، الدعوة اليوم أن يدخل السيد عباس وأركان حزبه فاتحا بيت المقدس وسيكون العرب مسلمين ونصارى من خلفه يشدون من أزره وأزر أهل مدينة القدس فهل يفعل ذلك أم سيبقى حارسا لأمن المستوطنات والمستوطنين من عنفوان المقاومة الوطنية الفلسطينية. (2) الأستاذ هشام جعيط يعتبر من أبرز الذين اهتموا بتاريخ الفكر الإسلامي وله مساهمات متعددة في هذا المجال ويحظى باحترام كبير في أوساط المثقفين في تونس وخارجه، لكن ذلك الاحترام والتقدير لا يعني الاتفاق مع كل طروحات استأذنا الكبير جعيط ولست بصدد الحديث عن فكره ومساهماته فذلك مجال آخر ليس هذا محله. لقد استوقفني الأستاذ هشام جعيط عند مقابلة صحفية كان أجراها معه الصحفيون زهرة الفضلي، وزياد كريشان، والهاشمي الطرودي لجريدة "المغرب" التونسية، وتحدث طويلا ووقفت معه عند قوله إن تونس تعج بأحزاب غربية متعددة وعلى رأس القائمة حزب فرنسا "الفرنكفونيون" وهذه ظاهرة خطيرة إذا كانت معظم الأحزاب التونسية هي أحزاب تتشكل وتمول وتدار وترسم سياساتها وأهدافها من الخارج فهذه كارثة وطنية ما بعدها كارثة، لكن في تقديري أن الشعب التونسي خلاق ومبدع ويرفض التبعية لأي قوة خارجية، نعم هناك فرنكفونيون يرفضون العروبة أصلا ولغة وثقافة وتاريخ ولكنهم لا يشكلون ثقلا في الحياة العربية التونسية. إن هذه الأحزاب التي قال بها أستاذنا الكبير جعيط هي أحزاب تتبع الممول وتنفذ سياساته والولاء لمن دفع وليس لتونس الأرض والسيادة والشعب أي وزن. إن همهم جمع المال ولو على جثث الشرفاء. لقد توقفت عند قول الأستاذ جعيط أن حزب النهضة التونسي الذي تأسس قبل نيل قطر استقلالها مطلع السبعينيات من القرن الماضي وقام بأدوار وطنية في تونس الأمر الذي أدى باعتقال زعيم النهضة السيد راشد الغنوشي وحكم عليه بالسجن المؤبد لعدد من المرات إبان حكم المخلوع بن علي، عاش في المنافي من الجزائر إلى السودان إلى فرنسا ثم بريطانيا، منع مند خول الكثير من البلاد العربية وأمريكا وألمانيا وإيطاليا، فكيف يقبل هذا الحزب وزعيمه راشد الغنوشي بان يكون عميلا لقطر والتي بدورها كما قال جعيط هي عميلة أمريكا؟ وإذا كانت قطر عميلة لأمريكا كما يعتقد السيد جعيط فلماذا حزب النهضة لا يكون عميلا لأمريكا مباشرة وبدون وسيط. كيف يكون عميلا هذا الحزب وزعيمه الغنوشي لأمريكا وهو ممنوع من دخولها ومعروف أن قادة الأحزاب العميلة لأمريكا يستقبلون في البيت الأبيض.. إنها حقا ثرثرة حداثيين لا وزن لها. قد نختلف مع قادة حزب النهضة التونسي فكريا ولكن لا يجوز لنا أن ننسبهم إلى قوى خارجية أو نتهمهم بالعمالة والخيانة وعدم أهليتهم. تعالوا نعمل جميعا في إصلاح الخلل من أجل بناء أمة وسيادة وطن ونكتب تاريخ مشرف يحترمه الصديق ويخافه العدو. حزب النهضة في تونس حزب وطني تونسي عقيدته إسلامية عربية إصلاحية وسطية يرفض الاستبداد ويحارب الفساد والتسلط، تعالوا نعينه لكي تنجح تونس في الانتقال من براثن الاستبداد والمحسوبية إلى معراج الحرية والتعددية والأمن والأمان.