30 أكتوبر 2025
تسجيل* تخبرنا السنن الإلهية، وواقعنا وما نرى ويشاهده العالم من ابتلاءات وأشكال ظلم.. أن الظلم مهما طال أمده واشتد، ومهما طال سواد ليله ومهما زاد عدد الظالمين وأنواع جبروتهم وتسلطهم تحت سواد ليل الظلم، ومهما ملكوا من أدوات سلطة ومنصب ودعم دنيوي على أشكال القهر والظلم والاستبداد، فإن فجر ونور العدل والنصر يأتي ولو بعد حين. * الله سبحانه وتعالى العدل الحكم يأخذ الظالم ولو بعد حين، والله سبحانه وتعالى يمهل ولا يهمل، ونهاية الظالمين أليمة ويراها المظلوم في الدنيا قبل يوم الحساب. * سبحان الذي يقصم ظهور الطغاة ويشدد العقوبة على العصاة وفي الحديث القدسي يقول الله سبحانه وتعالى: «اشتد غضبي على من ظلم لأجل من لا يجد له ناصرا غيري»، والله تعالى يغضب في حق خلقه بما لا يغضب في حق نفسه فينتقم لعباده بما لا ينتقم لنفسه في خاص حقه «إن الله عزيز ذو انتقام». * أصوات الحق لا تموت، وتظل ترعب أصوات الباطل وتدمغهم فإذا هم زاهقون، وتؤزهم في مضاجعهم أزا، حتى يأخذهم الله بغتة وهم لا يشعرون. ولنا في سيرة الحجاج مع سعيد بن جبير أفضل مثال. * الحجاج بن يوسف الثقفي الذي قتل مائة وعشرين ألفا ومات وفي سجونه خمسون ألف رجل، وثلاثون ألف امرأة، وكان يحبس النساء والرجال في موضع واحد، ولم يكن للحبس ستر يستر النّاس من الشمس في الصيف ولا من المطر والبرد في الشتاء ومن أشهر ضحاياه سعيد بن جبير الذي دعا الله على الحجاج عند قتله له فقال: اللهم لا تسلط هذا المجرم على أحد من بعدي وتقبل الله منه هذا الدعاء. * وقصص القرآن وفي سير الأولين وغيرهم من سير الظالمين في وقتنا الحالي القصص والعبر، ولا يعجز الله المنتقم في أي واد وأرض ومكان يهلكون وبأي وسيلة تكون نهايتهم بما يسلط الله عليهم أمام مرأى العالم، ويخزيهم في الحياة الدنيا وفي الآخرة. * يعجل الله سبحانه عقوبة الظلم والبغي في الدنيا قبل الآخرة لبشاعة ما يرتكب من ظلم بالعباد «ما من ذنب أجدر أن يعجل الله لصاحبه العقوبة في الدنيا مع ما يدخره له في الآخرة من البغي وقطيعة الرحم». * دعوة المظلوم سهم لا يرد ولا يخطئ، وعاقبته تكون ولو بعد حين حتى وإن تصور الإنسان أن حقه لم يؤخذ ولم يجد له ناصرا.. إلا أن عين الله لا تنام.. يقول النبي عليه الصلاة والسلام: (ثلاثة لا ترد دعوتهم الصائم حتى يفطر، والإمام العادل، ودعوة المظلوم يرفعها الله فوق الغمام ويفتح لها أبواب السماء ويقول الرب: وعزتي لأنصرنك ولو بعد حين). (واتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب) لو كان المظلوم فاجرا فدعوته مستجابة ففجوره على نفسه، فكيف بمن هم عباد الله وأولياؤه الصالحون الصادقون المقربون؟. * ونتساءل مع كل تلك القصص والعبر في تاريخنا ووقتنا الراهن وما ينقل من صور ومشاهد وانتقام الله سبحانه وتعالى. كيف ينام الحاكم الظالم في الاستمرار في غيه وظلمه؟ عدمت معاني الإنسانية من قلوبهم ؟ وما مادة ضميرهم؟ * نعيش زمنا مغلوطا ومعكوس القيم والمبادئ، ولا نقول فيهم إلا ما وصفهم الله فيهم وأكبر انتقام هو أن ينزع عنهم صفة الشعور (أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُم بِهِ مِن مَّالٍ وَبَنِينَ (55) نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ، بَل لَّا يَشْعُرُونَ). * آخر جرة قلم: الملك بيد الله يؤتيه من يشاء وينزعه ممن يشاء، فلا نحزن ونبتئس أن وجدنا حكاما طغاة مستمرين في ملكهم.. يرون شعوبهم في صنوف الابتلاءات وهم صامتون! الله المنتقم لعباده المظلومين وعباده المنكوبين، انتصار الله يأتي سريعا وبصورة مختلفة للنصرة، تأتي بغتة وتقتص من كل ظالم وكل من أعان وعاون وكل من صمت على ظلم ولم ينطق بكلمة حق… كل ضعيف ومعه القوي في نصرته وعونه.. فتحت الابتلاءات تظهر الكرامات والنصرة.. والله مع عباده الضعفاء.. ولن ينساهم.