11 سبتمبر 2025
تسجيلالحفاظ على القيم والمبادئ والأخلاق يتطلب عملاً حقيقياً وعلينا دعم تقليل ساعات عمل المرأة إنشاء الهيئات أصبح محبطاً للمجتمع والخطاب الديني يجب أن يكون عبر قناته الرسمية عندما تركب الطائرة يرحب بك قائدها بقول "مرحباً بكم في هذه الأجواء التي نحلق فيها على ارتفاع معين"، بينما يستخدم الأجانب هذه العبارة عندما ينضم أحد ما لمجموعة ولو متأخراً بقولهم (welcome on board)، ويمكن استخدام العبارة الأجنبية لتكون أكثر دقة في المعنى والوصف لتوصيات مجلس الشورى التي رفعها للحكومة أمس. ولعل أبرز ما جاء في بيان مجلس الشورى توصيته التي تقول "مراعاة القيم والمبادئ والأسس والدعامات التي يقوم عليها المجتمع القطري عند دعوة المشاركين في المنتديات الاجتماعية والثقافية المحلية"، وهو يأتي متزامناً مع حالة الاحتقان المجتمعي على دعوة ضيوف من قبل الاتحاد القطري لكرة القدم واستضافتهم في قناة الكاس، أو الاستضافة المرتقبة لمعهد الدوحة الدولي للدراسات الأسرية لليمنية ندى الأهدل، ويقيني أن هذه الفقرة تحديداً أضيفت لتوصيات لجنة الشؤون الثقافية والإعلام في الجلسة أمس في تماهٍ واضح من المجلس مع ما يطرح في المجتمع، بغض النظر عن اتفاقنا أو اختلافنا مع المنتقد أو الموافق، إلا أن هذا التفاعل الفوري من مجلس الشورى يبشر بخير في تفاعله اللحظي مع القضايا المجتمعية، ويؤكد على التأثير الكبير الذي باتت تحدثه وسائل التواصل الاجتماعي في حياتنا اليومية وما قد تمثله من قوة مستقبلاً. ولعل ما لفت نظري أيضا ما جاء في المحور الأخلاقي والديني من دعوة لتعزيز دور الدين والعقيدة الصحيحة الواضحة السمحاء وإنشاء مواقع إسلامية معتدلة متخصصة يشرف عليها نخبة من العلماء بهدف نشر الأفكار الصحيحة، وضرورة وضع ضوابط وقواعد لأخلاقيات الممارسة الديمقراطية، من أجل تأسيس قيم للممارسات التي تحقق مصلحة الوطن والمواطن، وهذه كلها مطالب جميلة جداً لكنها أيضا تحتاج لعمل موحد، فالثقافة على سبيل المثال تاهت في قطر لكثرة المشتغلين فيها، والخوف اليوم على الخطاب الديني في المجتمع مع الغزو الجماعي للمدارس الأجنبية ووسائل التواصل الاجتماعي، فقد كثر المشتغلون بالخطاب الديني والرسائل الإعلامية، وأعتقد أنه حان الوقت لتوحيد الرسالة الإعلامية التوعوية الدينية لتكون من خلال القناة الحكومية الرسمية ممثلة في وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، خاصة في ظل ما يتعرض له الإسلام كدين والمسلمون كأمة من تشويه ومحاربة. أما في المحور الأسري والمجتمعي فقد لفت نظري دعوة المجلس إلى دعم الأم العاملة بتوفير كافة الظروف التي تعينها على تربية أبنائها من خلال تقليل ساعات العمل لديها، لإعطائها وقتا أطول في رعاية وتربية الأبناء والإشراف عليهم، للوصول لأسرة سليمة وصحية اجتماعيا، والحقيقة أن على المجلس أن يكون له دور أكبر في مراقبة هذا الأمر، وصولاً لإقناع الحكومة بكافة قطاعاتها بأن تضع ساعات عمل أقل للمرأة، وأن تبادر كل المؤسسات المعنية بدعم مجلس الشورى لتحقيق ذلك. كما شمل هذا المحور الدعوة إلى تقليل تكاليف الزواج، وظني أن هذا الأمر يتشابه وحزام الأمان، لن تطبقه الناس بالتوعية، بل بالقانون، ولنا في كورونا مثال واضح، في التزام الناس بالأعداد والأوقات، فتحديد المهور وساعات الاحتفال وغيرها يقي المجتمع من التكاليف الباهظة للزواج. أما في المحور التربوي والتعليمي فإن المجلس كان مبهراً بإقراره بوجود خلل في مناهج المدارس الأجنبية عبر توصيته بضرورة مراقبة مناهج وممارسات المدارس الأجنبية للتأكد من عدم تعارضها مع عقيدتنا الدينية وقيمنا ومبادئنا وأخلاقنا المجتمعية، وهي توصية مهمة يعاني المجتمع منها، ومع مرور الزمن يبدو واضحاً أن كثيرا من التوصيات التي يوصي بها المجلس لم تكن لتكون مشكلات أو ظواهر لولا الغزو الفكري الذي تعرض له الجيل الحالي. أما عن استحداث منهج إلزامي في التعليم العام يعنى بالقيم والأخلاق وتضمين المناهج التربوية والتعليمية كل ما يحث على الدين السليم والعقيدة السمحاء التي تقوم على الفضيلة المتمسكة بمبادئها وأخلاقها، فظني أن هذا لن يفيد بل سيزيد على الطالب، إن كنا نريد أن نحمي مجتمعنا فعلينا بالفعل الحقيقي في المجتمع، بحيث يرى الطالب واقع مجتمعه، لا أن يدرس شيئا ويرى مجتمعه ومؤسساته تطبق العكس تماما، التربية تبدأ بالفعل وليس بالتلقين. وفي المحور الثقافي والاجتماعي على مجلس الشورى أن يطلب من مؤسساتنا أن تكون نموذجاً للأسر، فقد وصى بتوعية المجتمع بالابتعاد عن الترف والتبذير والرفاهية الزائدة من خلال تشجيع الأنشطة والفعاليات التي تعود النشء على تحمل مسؤولية وحسن إدارة موارده المعيشية، لكنه في الوقت نفسه فإن المجتمع بأفراحه ومناسباته انعكاس لمؤسسات المجتمع التي عليها أن تبتعد عن الترف والتبذير والرفاهية الزائدة في الفعاليات التي تنظمها والجوائز العالية التي تمنحها. وفي توصيته الرئيسية دعا مجلس الشورى إلى إنشاء جهاز أو آلية تتولى وضع السياسات وتنسيق الجهود بين الجهات المعنية المختلفة، ومراقبة ومتابعة وتقييم الخطوات التنفيذية المتعلقة بتعزيز القيم والمبادئ والأخلاق في المجتمع، وهذا قد يكون محبطاً نوعاً ما بسبب التاريخ السلبي للهيئات التي أنشئت مؤخرا وعقدت عليها آمال كبرى، فإن لم يكن لهذه الهيئة صلاحيات عليا تفوق الوزارات في بعض الأحيان فلا قيمة لإنشائها. في كل الأحوال، الحفاظ على القيم يحتاج لعمل حقيقي، ورغبة جادة، وإصرار بأدوات قوية وصارمة، بدون ذلك، يبقى كل ما سبق، طموحات وأحلاماً. [email protected]