05 أكتوبر 2025

تسجيل

المـراهنـة على نجـاح بايــدن

16 فبراير 2021

لا يبدو أن بايدن سعيد بما يتحمله اليوم من مشاق رئاسية لم يكن ليتصورها حتى وإن تولى سابقا مهام نائب الرئيس في عهد مواطنه الأسبق أوباما الذي اختاره حينها ليكون ساعده الأيمن، ذلك أن ترامب وهو الراحل رغما عنه بعد مضي أربع سنوات من حكمه وعدم فوزه بأربع أخرى كان يمكنه أن يقضيها رئيسا كما حدث مع سابقيه في تاريخ أمريكا الحديث، قد ترك إرثا صعبا على بايدن، الذي لربما توقع ما يمكن أن يعانيه، لكنه وقد تصدر واجهة البيت الأبيض في صباح العشرين من يناير الماضي فقد بدا مرهقا وهو يوقع على قرارات تلغي قرارات سابقة في نفس المضمون، كان ترامب قد تهور وأقرها، بالإضافة إلى سَنّه قرارات جديدة يحلم بايدن وحكومته أن من شأنها إعادة صورة أمريكا القديمة التي يقول عنها إنها تحطمت بفعل الحكومة السابقة لا سيما بعد أن وصفه ديمقراطية الولايات المتحدة بالديمقراطية الهشة، التي لم تصمد أمام تعالي بعض الفئات داخل المجتمع الأمريكي على مثيلاتها في المجتمع الواحد، ناهيكم عن ازدواجية المواقف الأمريكية في القضايا السياسية الخارجية التي تلاعب بها ترامب لمصالح لم تكن تخفى عن أحد، خصوصا في قضية فلسطين ودحرجة كرة السلام المزعوم بينها وبين إسرائيل التي أغرقها ترامب بعطاياه السياسية التي مكنتها من الولوج أكثر في عمق الأرض العربية، بعد إعلان القدس عاصمة أبدية لإسرائيل الذي لا يمكن أن يتغير أو يتبدل ويعود إلى شكله الأول في عهد بايدن، لكن الرجل أبدى بعض التلطف من جانب الفلسطينيين في إمكانية الدعم الأمريكي للسلطة الفلسطينية، إذا ما أبدت الأخيرة بعض المرونة تجاه المواقف التي تؤمن بها واشنطن فيما يتعلق بدفع عملية السلام المتوقفة منذ سنوات طويلة بين الجانبين، وهو موقف للأمانة يمكن أن يُحسب لصالح الحكومة الأمريكية الحالية إذا ما قورنت بالحكومة الأمريكية السابقة التي كان يرأسها دونالد ترامب ويميل بصورة فجة لصالح قوى إسرائيل مع التهميش شبه الكامل للجانب الفلسطيني المتضرر من هذه السياسة التي كان يصفها بغير المتزنة من جهة ترعى عملية السلام منذ عقود، ولا تبدو حيادية أبدا. اليوم يقف بايدن ليعالج ويحل ويربط ويعيد الأمور إلى نصابها كما يرى ويعتقد أن هذا أفضل لتعود الولايات المتحدة إلى أقوى دولة في العالم لكن بايدن لم يخف أيضا أن عهده قد بدأ في ذروة فيروس كورونا، وهي الذروة التي أطاحت باقتصاد بلاده وأرواح شعبه في عدد مخيف تجاوز 480 ألف حالة وفاة في أمريكا وحدها حتى اليوم، وهو أمر لا يمكن لبايدن أو غيره أن يمسكوا عصا الأحلام ويوقفوا هذا العدد من أن يصل إلى ما هو أكثر من 500 ألف، لأن الرئيس الأمريكي نفسه ذكر قبل حفل تنصيبه أن ما سوف تخسره البلاد من الأرواح بسبب فيروس كورونا سيكون أكثر مما يتوقعه الشعب بالإضافة إلى تحمله مسؤوليات أخرى داخل حدود بلاده أثر فيروس كورونا على مسارها بصورة رئيسية، لكنه يعد وعودا مباشرة كما كان يفعل قبل فوزه بأنه سيكون قادرا على إعادة كل شيء لنصابه إذا ما التف الشعب حوله وساعده مجلسا الكونغرس والشيوخ لتمرير خطته الداخلية للوصول إلى بر الأمان، ولكن ما يهمنا كعرب ومسلمين لم يكن لنا جمل في ترشحه ولا ناقة في فوزه سوى أن يقوّم الاعوجاج في مسار الدور الأمريكي في قضايانا العربية المصيرية التي للأسف يتحكم الوجود الأمريكي في مساراتها المختلفة، ولا نملك فيها سوى الحضور، بينما يتولى غيرنا المرافعة وإصدار الحكم الذي ننفذه، باعتبار أن العرب في قضاياهم يتحولون من معتدى عليه إلى معتد، ومن ضحية إلى متهم، ومن مظلوم إلى ظالم، ومن صاحب حق إلى سالب هذا الحق، ولعلكم تهزون رؤوسكم الآن إما موافقة أو تحسرا، لا يهم فقد بات الأهم هو أن ينجح بايدن!. ‏@[email protected] ‏@ebtesam777