10 سبتمبر 2025
تسجيلمآسي العرب ومصائبهم تعد بالأيام والأشهر والسنين، فنقول 100 يوم مضت على الحرب الإسرائيلية على غزة، ونقول 16 عاما على حصار غزة، ونقول حرب الأيام الستة ونكرر القول فنسمي حرب 73 بحرب التحريك أو حرب الأسبوع الثاني. ولعلنا نستدرك فنقول حرب الـ 100 يوم أثبتت أن أمتنا قادرة على قهر أعدائها إذا امتلكت الإرادة الإيمانية والسياسية، فهذه غزة رغم كل الجراح والموت بكل أسبابه ما برحت تقاوم وبشدة وايمان مطلق على ردع العدوان. لقد أحدثت هزة سياسية وعسكرية واجتماعية واقتصادية وانقسامات داخل المجتمع الصهيوني الإسرائيلي، والخلق في جميع عواصم العالم ومدنه ــ إلا عواصم العرب ــ يسيرون في الشوارع تأييدا لمقاومة غزة العزة واحتجاجا على العدوان الإسرائيلي عليها ويطالبون بوقف الحرب ومعاقبة إسرائيل. والمحزن في زماننا هذا ان كل حياتنا أصبحت عواصف قاتلة أذكر منها، عاصفة الصحراء، عاصفة الصدمة والترويع،عاصفة اجتثاث البعث، عاصفة ريح الشرق، وليس مجالنا الحديث عن آثار تلك العواصف الدامية. (2) شقيقات الشهيد صالح العاروري الذي اغتالته إسرائيل في عقر حِمَى حزب الله في بيروت في 2/1/2024 تم اعتقالهن في رام الله تحت سمع وبصر السلطة العباسية ولم تحرك قواتها الأمنية البالغ تعدادها اكثر من 70 الف مسلح لحماية أسرة الشهيد العاروري، وكأن الأمر لا يعنيها، فلا عجب من السلطة المسخ التي لم تحم سكان الضفة القاطنين تحت سيادتها من العدوان الإسرائيلي المسلح وقطعان المستوطنين، اذ بلغ عدد المعتقلين في الضفة الغربية منذ السابع من أكتوبر «شهر طوفان الأقصى» 4000 معتقل وأكثر من 190 شهيدا حسب إحصاءات نادي الأسير والسلطة العباسية لم تحرك ساكنا لحماية هؤلاء المواطنين الفلسطينيين، كما ان إسرائيل أمعنت في إهانة هذه السلطة بانتهاك سلطاتها في الضفة وبامتناعها عن تسليمها المستحقات الضريبية التي جمعتها من مواطني سلطة عباس نيابة عنها وراحت السلطة تتسول من المجتمع الدولي وأمريكا العون المالي لصرف مرتبات وحقوق مليشياتها التي تحمي قيادات السلطة والمستوطنات الإسرائيلية من غضب الشعب الفلسطيني الحر. (3) أمريكا منذ الساعة الأولى لاعلان عاصفة «طوفان الأقصى» اندفع وزير خارجيتها انتوني بلنكن الى تل ابيب ليعلن من هناك بأنه قادم لنصر الكيان الصهيوني بصفته يهوديا لا وزيرا لخارجية أمريكا، تبعه الرئيس الأمريكي لزيارة تل ابيب وارسال حاملتي طائرات أمريكية مصحوبة ببوارج وغواصات لحماية إسرائيل، معلنا أنه حتى لو لم يكن يهوديا الا انه صهيوني مناصر للصهيونية، وراح يمدها بأحدث أنواع السلاح والذخائر لكي تُلحق الهزيمة بحركة تحرر وطني « حماس» قوتها العسكرية لا تزيد عن بضع مئات من المقاتلين ولم تكتف بذلك بل راحت تهدد وتتوعد بأن أي دعم لغزة من أي طرف كان فإنه سيلاقي الردع من قبل أمريكا ذاتها، وتتابع القادة الأوروبيون نحو تل ابيب نصرة وتأييدا وفرضت الإدارة الامريكية على مجلس الامن الدولي وحماية لإسرائيل عدم اتخاذ أي تدابير لحماية الفلسطينيين ووقف الحرب على غزة باستخدام حق النقض الفيتو. بعض الزعماء العرب في هذه الظروف لم يحركوا ساكنا، وراحوا يتفرجون على ما يحدث على أهلنا في غزة ومن حقي أن أستثني دولة قطر، فهي الوحيدة التي أوفدت أحد كبار موظفيها الى غزة سعادة وزيرة التعاون الدولي بوزارة الخارجية الأستاذة لولوة الخاطر لتفقّد الأوضاع هناك والوقوف على حقائق الأمور ومواساة الجرحى ونقل من يستدعي تلقي العناية الطبية الفائقة منهم إلى مستشفيات قطر ومن المؤسف ان أهلنا في غزة لم يجدوا اهتمام القيادات العربية بشأنهم كما لاقت إسرائيل اهتمام قادة الغرب وعلى المستويات رفيعة المناصب القيادية. (4) حكومة جنوب أفريقيا انتصرت لأهلنا في فلسطين إذ جرّت الكيان الإسرائيلي برمته إلى ساحة العدالة الأممية «محكمة العدل الدولية « في (لاهاي) وطلبت من عدالة المحكمة، الى جانب أمور أخرى،»اتخاذ إجراءات احترازية ووقائية بصورة مستعجلة «لوقف الجرائم التي تنفذها إسرائيل في الأراضي الفلسطينية ضد الشعب الفلسطيني وممتلكاته، ناصرتها دول من أمريكا اللاتينية ومن آسيا وأفريقيا وأوروبا، وبعض الدول العربية أيدت شكوى جنوب افريقيا ضد إسرائيل إلا أنها لم تنضم الى رفع الشكوى عليها. لا أستغرب موقف ألمانيا المخالف لتوجه معظم الدول لإدانة إسرائيل على عدوانها الحاقد في شكل إبادة جماعية لاهل غزة بطريقة بربرية حاقدة مستخدمة كل وسائل الدمار الشامل بما في ذلك التهديد باستخدام السلاح النووي كما طالب بعض المسؤولين الصهاينة علانية، لقد أعلنت ألمانيا أنها ستتدخل كطرف ثالث امام محكمة العدل الدولية لدعم إسرائيل في قضية «الإبادة الجماعية « المرفوعة ضدها، الكثير من المواطنين العرب كانوا ينتظرون ردا سياديا على موقف ألمانيا المشار اليه، لكن لا حياة لمن تنادي. أما سلطة رام الله العباسية، فكأن الأمر لا يعنيها من قريب ولا من بعيد مكتفية ببيانات خجولة. آخر القول: لا بد أن يأتي الله بالفرج من عنده لأهلنا في غزة، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون، كما سيعلم الذين صمتوا في هذه الحالة عاقبة صمتهم، والله المستعان.