10 سبتمبر 2025

تسجيل

إستراتيجية التنمية الوطنية (1)

16 يناير 2024

في خطوة ثالثة نحو اكتمال رؤية قطر 2030، دشن معالي الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية إستراتيجية التنمية الوطنية الثالثة، وقد كان لافتاً فيها اهتمام الدولة ورغبتها في نقل المخزون المعرفي لدى المواطنين إلى ما يتناسب مع المستقبل والانتقال للعمل في القطاع الخاص بشكل أكبر خلال الفترة القادمة. وقد كانت رسالة حضرة صاحب السمو أمير البلاد المفدى لأعضاء المجلس البلدي رسالة مهمة لكل المواطنين بأهمية الانتقال الذي يوليه سموه في المرحلة القادمة، وأهميته لمستقبل قطر. خلال سلسلة من المقالات سنركز على ركائز الرؤية والنتائج السبع للاستراتيجية، ومن المهم اليوم أن نركز على أن تطلعات الدولة رافقتها رسالة في غاية الأهمية مرتبطة بالحفاظ على الهوية الوطنية، حيث صرح معالي رئيس مجلس الوزراء خلال التدشين بقوله: تنتقل قطر عبر استراتيجية التنمية الوطنية الثالثة إلى المرحلة القادمة من مسيرة التطور نحو اقتصاد مستدام يقوده المواطنون والمقيمون والقطاع الخاص، مع المحافظة على قيمنا وهويتنا ونسيجنا الاجتماعي. ولعل هذا التوجه هو نبراس العمل الذي يجب أن يأخذ به كل المعنيين بإستراتيجية التنمية الوطنية ورؤية قطر 2030 وما بعدها، فأي تقدم يحرز تنسلخ فيه الدولة عن هويتها وتضر به نسيجها الاجتماعي ليس بتقدم، ولا تنمية، ومن الرائع أن المسؤولين لدينا لا يعون ذلك فحسب، بل حريصون عليه وعلى تعزيزه والالتزام به. لقد حققت الرؤية خلال السنوات الماضية عبر ركائزها الأربع (الاقتصادية والاجتماعية والبيئية والبشرية) إنجازات كبيرة نلمسها اليوم بشكل فعلي أمامنا بدءا من المنشآت الصحية والتعليمية والرياضية وليس مرورا بكل مشاريع الدولة الكبرى والبنى التحتية وغيرها، بالإضافة للإنجازات الكبيرة التي قد لا تكون ملموسة بشكل كبير كالمباني مثل التنظيم الداخلي للحكومة وتعزيز الحوكمة ورفع كفاءة الكادر البشري والاهتمام بالقطاع الاجتماعي، وهي التي يكون أثرها بعيد المدى وغير ملموس بشكل مادي صريح. إن المطلع على وثيقة الإستراتيجية الثالثة ورسالة معاليه يتضح لديه حجم الشفافية في الخطاب بالتماهي مع الكشف عن التحديات القادمة للدولة، وهذه التحديات جزء لا يتجزأ من المستقبل مع كل التطورات المحيطة بنا، ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن تقوم بها الحكومة وحيدة ومنفردة، بل تتطلب جهداً جماعياً مشتركاً لتحقيق النتيجة المرجوة. ولعل ذلك أيضا لا يمكن دون أن يكون هنا حس عال لدى المسؤولين في الدولة بما قاله سمو الأمير المفدى في خطابه الأخير في مجلس الشورى عندما قال: «والـمطلوب هو تغيير بعض الأمزجة والـمقاربات البيروقراطية السلبية باتجاه الانفتاح للاستثمارات وتشجيع الشركات الناشئة، وإيجاد البيئة الـمؤسسية الـمرحبة بها والـمشجعة للنجاح». وأضاف سموه: «ثمة ثغرات قانونية يجب سدها، ومعوقات يجب إزالتها مثل عدم وضوح الإجراءات، وأحياناً جهل الـموظفين أنفسهم بها، والتضارب بين الهيئات. وهي أمور يـمكن حلها بسهولة. وفي النهاية توجد هنا دولة واحدة وسلطة تنفيذية واحدة». وقد كانت هذه رسالة من أكثر الرسائل دقة في وضع اليد على الجرح، فبعد عدة سنوات من رسائل وجهها سموه للشعب، وجه رسالة مهمة لمؤسسات الدولة بمن فيها، لأنه لا يمكن لأحد أن يغرد خارج الخط المرسوم للرؤية بعد الآن، ولا يمكن لجهود مجموعة أن تؤثر عليها قرارات فردية أو رغبة في استقلالية غير تعاونية. نحن أمام تحد جديد لإغلاق أحد أهم ملفات الدولة في العقدين الأخيرين (الرؤية) ولا يجب أن نفتح التالية دون أن نتأكد أننا أغلقنا الحالية بالشكل الصحيح.