10 سبتمبر 2025

تسجيل

"رولكس" أو "كاسيو"؟

16 يناير 2023

يبدو أن بداية العام 2023 فنية بامتياز، وكأن صناع القرار السياسي والاقتصادي أخلوا الساحة مؤقتًا. وبالتالي، هذا الهدوء الحذر يُنذر بتغييرات نوعية وخصوصًا في المجال المالي وسط دعوة عدد من رجال الأعمال وخبراء الاقتصاد في العالم إلى الادخار، في توجيه مباشر وإعلانات مدفوعة الأجر إلى ضرورة عدم صرف الأموال والادخار وشراء "الكاسيو" بدلاً من "رولكس". وإذا كان الادخار يعني تحويل ما في جيوبنا ومنازلنا إلى المصارف، فذلك أيضاً يعني أن البنوك تبحث عن السيولة، وأن الدعوة باتت أكثر وضوحًا لترويج الحسابات الرقمية، ما يُسهل على عمل الإدارة العالمية للنقد المباشر أو "الكاش". فهل تجفيف الدولار في الأسواق المالية مؤشر على شيء ما يلوح في الأفق؟ وهل نموذج سرقة الودائع في لبنان ولعبة الصرف هي عينة لما يدور في الغرف السوداء حول العالم بين مشاهير المال. الغرفة السوداء في حياة الأمير هاري فُتحت إلى العلن، تجمع الناس في شوارع لندن لشراء هذا الكتاب الذي تُرجم إلى نحو 16 لغة في العالم، وكأن الناس نهمة للتصالح مع نفسها ومع حياتها في إشارة إلى أن حياة الأمراء صعبة وغير سعيدة، وأن الأمير المُجرد من لقبه عانى ويعاني من "اضطرابات ما بعد الصدمة" ومن وفاة والدته ومن بروتوكولات أسرته. في الحقيقة، لا أجد في قلبي الأبيض ذرة تعاطف مع هذه الشخصية. ولن أصدق ان حياة الفقراء والمهمشين حول العالم هي أفضل من حياة هذا الأمير السابق، وأن هذه الشخصيات محرومة من راحة البال والطمأنينة والسعادة لبعض الوقت. من الطبيعي أن يمر الإنسان بصدمات وأن يُعاني ويحزن ويخاف، لكن هناك فرقا بين أن تكون معاناته في قصر ونفوذ ومال ووسط أخصائيين يهتمون به، وبين من لا يملك شيئًا. ما أراه إيجابيًا إلى الآن، هو القيمة التي ما زال يمنحها الكتاب لصاحبه، فاللجوء إلى وسائل التواصل الاجتماعي وشاشات التلفزة في برامج شهيرة، لم تحقق التعاطف المطلوب، وقصة هذا الأمير لم تلق التضامن الاجتماعي الكافي، وجاء الكتاب ليُتمم ما مهدت له هذه الحملة الإعلانية، لذا توثيق "الصدمة" خطوة تؤكد أهمية الكتاب الورقي للتاريخ. على خط مواز التاريخ الكُروي سيذكر لاعب المنتخب الاسباني جيرارد بيكيه على أنه هجر شاكيرا، لم يعد العالم يُحصي أهدافه، ولا إمكاناته، ولا مستقبله الرياضي، جُل ما يهم الملايين حول العالم، الأغنية التي "زفته" فيها طليقته والتي تم سماعها أكثر من 150 مليون مرة منذ إصدارها بوقت قصير، فالناس تنتشي بحقيقة أن حياة المشاهير تُشبه حياتهم، وأنه مهما بلغت المرأة من جمال وشهرة وحيوية، فإمكانية خيانة الرجل لها واردة لا محالة، فيما يرى الرجال أن قرار الهجر لا يثنيه جمال أو ليونة. وبين "رولكس" و"كاسيو" تبقى الساعة البيولوجية الأكثر دقة، فالإنسان هو الأكثر جدلًا في عواطفه ومشاعره أميرًا كان أم غفيرًا.