15 سبتمبر 2025

تسجيل

أزمة ثقافة أم أزمة مثقفين؟

16 يناير 2023

أتابع إصدارات ودراسات وأبحاثا ورسائل لنيل شهادة الدكتوراه لعدد من الإخوة والأخوات من أبناء وبنات قطر، هناك العديد منها على قدر كبير من الأهمية ومن الممكن أن يشكل قيمة مضافة للمجتمع في مجاله، إلا أن هناك إشكالية تبدو مزمنة ومحكمة وهي أن كل هذه الأبحاث والدراسات والمساهمات لا تدخل تيار الثقافة السائدة في المجتمع، الذي يبدو منجزاً مسبقاً ومعقماً عن كل جديد يحاول التسلل داخله. مجتمع الثقافة المنجزة مجتمع مكتفئ بذاته، الحقيقة فيه مكتملة وجاهزة، بينما الثقافة المنفتحة ترى الحقيقة مشروعا لا يكتمل، فباستمرار هناك بحث عنها وتجديد داخل إطارها الأمر الذي يدفع المجتمع للتجديد، المثقف في مجتمع الثقافة الناجزة خارج الإطار لكنه يدور في أفقه وفي نطاقه كأجرام الكوكب السماوي التي تدور حوله دون أن تؤثر فيه، فبالتالي فهو مثقف كمنبه يستدعى حيث الحاجة، بينما المثقف في مجتمع الحقيقة التي لا تكتمل يمثل لبنة يقوم عليها التطور المستمر لا يمكن الاستغناء عنه وعن إسهاماته مهما كانت بحثية أم دراسية أو صحفية، كل مجالات الثقافة مشروع هام لبناء الحقيقة التي لا تكتمل طالما هناك تطور وإنسان يسعى إليها، فالأمر يبدو لدينا كما يلي، ثقافة لها نطاقها المكتمل ومثقف يدور في فلك هذا النطاق يتأثر به ولا يؤثر فيه، لذلك كل هذه الدراسات والأبحاث والرسائل الجامعية مكانها الأرشيف أو مخازن الإدارات، وتبقى ثقافة الحقيقة المكتملة تدور في مجالها ويبقى المثقف يسطر الورق والبحوث لتمتلئ بها مخازن المكتبات وأرشيف الوزارات.