15 سبتمبر 2025

تسجيل

الموضوعية في طلبيات الدواء تحد من هدره

16 يناير 2011

يشكل الدواء ثقلاً اقتصادياً من حيث تأمينه ويستهلك نسبة من الدخل القومي والرصد لهذه السلعة الضرورية الرئيسية، وتندرج الأدوية في نطاق الاستهلاك كمفهوم اقتصادي فضلاً عما تمثله من أهمية قصوى، لذا فإن الملايين بل المليارات تصرف لما يسهل على الناس ويخفف من معاناتهم، بيد أن السؤال الذي يتبادر إلى الذهن هو كيف نخضع هذا الطلب للمعيار الاقتصادي كأسلوب حضاري مهني واقتصادي في ذات الوقت؟، إن التخطيط المسبق أو بالأحرى الدقيق بشكل يحقق التوازن من الأهمية بمكان، والحد من هدر الدواء من أصعب التحديات التي تواجه القطاع الصحي، ويعزى هذا ربما إلى تمرير الأدوية وبأرقام كبيرة لأدوية تفوق حاجة الاستهلاك، وهكذا تتكدس الأدوية وتتربع الأدوية بالمخازن، وفي مقابل ذلك يكون الرصيد لمخزون بعض الأدوية المهمة صفرا، وهنا يبرز معيار الضبط في هذه المسألة لاسيَّما وأن هناك تخصصات وتحديداً الدراسات العليا تعني بهذا الشأن أن الحاجة ملحة في التركيز على نظام الإنتاج الدوائي ونظام الاستيراد بما تقتضيه المصلحة، في حين أن إغراق السوق وعلى سبيل المثال للدواء الواحد وبنفس المادة الفعالة لأكثر من عشرين علامة تجارية بدوره يفتح الباب على مصراعيه لمعضلة الشبح الرأسمالي وغياب مقياس الكيف لا الكم مما يؤدي إلى تكدس الأدوية وعدم الاستفادة منها كنتيجة مباشرة لطرح شركات الأدوية لكميات من الدواء أكبر من احتياجات السوق. هذا الخلل يشكل هدراً للأموال. هدراً للإمكانات. غياب للتخطيط.. ورغم أن قياس الحاجة والطلب يتم تقديره وفقاً لحجم استهلاك الدواء فإن الفائض في الطلب أمر وارد لاسيَّما في ظل ارتباط الدواء بصحة الإنسان، غير أن الفائض ينبغي ألا يتجاوز التقدير الموضوعي، بمعنى ألا تؤثر المبالغة في الطلب على الحاجة الفعلية أو قريباً منها، أن العناية والتركيز في طلبيات الأدوية بات أمراً ملحاً في ظل تراكم الأدوية المنتهية صلاحيتها، والتي تتجاوز قيمتها ملايين الريالات في حين أن الاتكاء على الإحصاءات من واقع المعدلات الاستهلاكية للأدوية وعبر برامج الكمبيوتر المتطورة والاستعانة بالخبرات الصيدلانية المؤهلة سيحد كثيراً من هذا الهدر، في الوقت الذي ينبغي أن يكون التعامل مع الدواء وفق معيار الكيف لا الكم وفي إطار الاعتماد على مخرجات الحاسب التي تسهم في رصد معدلات الاستهلاك بشكل موضوعي وغير مبالغ فيه، أي أن الطلب هو التقليل من الفائض أو بالأحرى السيطرة المحكمة على الفائض، فوجود الفائض أمر لا مناص منه، غير أن المقارنة بين الاحتياج والطلب، ينبغي أن تتكئ على نوعية الأدوية المطلوب تأمينها واستثمار العائد من تقليل قيمة الفائض في دعم القنوات العلاجية الأخرى، وإعداد الدراسات الإحصائية الدقيقة الملائمة، والاعتماد على نتائجها كأحد العوامل التي ترفد خطة الطلبيات والتقليل من الفائض قدر الإمكان، إن هدر الدواء مسؤولية مشتركة بين القطاعات الصحية العامة والخاصة والمواطن ولكن لا يمكن أن يكون المواطن هو المخطئ دائما. فهناك رصد للكثير من المعيقات التي تنجم جراء بعض المخالفات كلما تم الكشف عن كميات كبيرة من أدوية منتهية الصلاحية سواء لسوء التخزين أو عدم التخلص منها حسب الأصول. وسواء كان السبب سوء التخزين أو ضعف التوعية الصحية فإن مشكلة كتلك تستدعي مناقشة الحلول بشفافية مع الأخذ بالاعتبار توافر الإجراءات الرقابية للحد من هذا الهدر، أضف ذلك تفعيل الحملات الإعلامية بأهمية الاستخدام الصحيح للأدوية وسبل ترشيد استخدامها، وكذلك مناقشة الشركات الصناعة بأن تكون الموضوعية في التعبئة محوراً رئيساً يسهم في تحقيق التوازن بهذا الخصوص فمن غير المعقول وحينما يكتب لك الطبيب وصفة لمدة خمسة أيام وبواقع ثلاث حبات في اليوم فيما تحتوي العلبة على خمسين حبة أو تزيد أي أنها توازي ثلاثة أضعاف ما تستهلكه، هذا في تقديري من الأسباب الرئيسية التي تسهم في تراكم الأدوية وعدم الاستفادة منها، والأمر الأخر هو أهمية وجود جمعية على سبيل المثال تستق بل الأدوية غير المستخدمة والصالحة للاستخدام وبالتنسيق مع الجهات الطبية لتصرف للآخرين والمحتاجين وبأسعار رمزية ولاريب أن هذا من أعمال البر، عدا عن ذلك فإن هذا الأمر سيسهم في ترسيخ مفهوم ترشيد الاستخدام وكذلك المحافظة على البيئة وإبعاد فائض الأدوية عن متناول الأطفال.