01 أكتوبر 2025

تسجيل

مفارقة أبيلين

15 ديسمبر 2021

في ظهيرة أحد أيام الصيف الحارة اجتمعت العائلة المكونة من الأب والأم وابنتهم وزوج ابنتهم. اقترح الأب تناول الغداء في منطقة بعيدة، فتحمست البنت لاقتراح والدها، ونظرت لزوجها الذي تلعثم ولم يرغب بالخروج في هذا الحر الشديد، وتساءل إن كانت تلك رغبة الجميع، فأظهرت الأم حماسها للذهاب. وبالفعل ركبوا السيارة متوجهين للمنطقة البعيدة. وكان الطريق حاراً ومغبراً وطويلاً، بل وحتى الطعام كان سيئاً. وبعد العودة للمنزل منهكين، قال أحدهم مُجاملاً: ألم تكن رحلةً رائعة؟ قالت الأم أنه كان من الأفضل لها البقاء بالمنزل، ولكنها رافقتهم حين وجدتهم متحمسين. وقال الزوج: لم أكن راغباً بالذهاب، كُنت أرغب فقط في إرضاء الجميع. وقالت الزوجة: ذهبت برفقتكم لإبقائكم سعيدين. ثم قال والد الزوجة إنه لم يكن يرغب بالذهاب، ولكنه اقترح ذلك لأنه ظن أن الآخرين قد يرفضون، أو يتقدمون باقتراح أفضل. جلست العائلة في حيرة لأنهم قرروا معاً الذهاب في رحلة لم يرغب أي منهم بها. فضّل الجميع الجلوس براحة في المنزل، ولكن لم يعترفوا بذلك. جاءت هذه القصة لتوضيح نظرية "مفارقة ابيلين" التي كتبها جيري هارفي، أستاذ الإدارة بجامعة جورج واشنطن، وأبيلين هي المنطقة البعيدة التي ذهبت إليها العائلة. كثيراً ما يحدث في العمل أن يخرج الاجتماع بقرار لم يرغب فيه أي من المجتمعين، فقط لأن كل شخص يظن بأن هذا هو الرأي السائد، وعدم الرغبة بالشذوذ عن الرأي العام، فلا أحد يرغب بأن توجه له الأنظار على أنه الأقلية المعارضة. لذلك فمن الضروري إشاعة أجواء التسامح وتقبل مختلف الآراء حتى يتمكن الأفراد من الإفصاح عن رأيهم بحرية، فالنقاش بلا توجيه لوم أو اتهام ينتج عنه أفكار إبداعية أفضل من الإجماع المزيف. @khalid606