10 سبتمبر 2025

تسجيل

قطر.. مرحلة البناء على ما تم

15 ديسمبر 2020

قبل ٢٥ عاماً كان لصاحب السمو الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني طموح كبير في إعادة بناء الدولة ووضعها على طريق النجاح في كل المجالات، فخاض تحديات سياسية واقتصادية كثيرة ونجح في سنوات حكمه أن يحقق الكثير من أحلامه لقطر الأرض والشعب. الإنجازات الكثيرة التي حققها سمو الأمير الوالد (وليس المجال هنا لنعددها) ساهمت في بناء الأرضية الصلبة التي يجب أن تقوم عليها الدولة، ساعياً لتأسيس نظام حكم يتناسب مع متغيرات الزمن ويتعاطى مع واقعه الإقليمي والدولي، بل "غامر" في ذلك الوقت بالكثير من الأعمال التي كانت سابقة لعصره مثل إلغاء وزارة الاعلام وإنشاء قناة الجزيرة ومشاريع البنية التحتية واستضافة كأس العالم وغيرها من المشاريع والقوانين التي نظمت الحياة العامة في قطر مثل إقرار الدستور. في الخامس والعشرين من يونيو عام ٢٠١٣ سلم سمو الأمير الوالد مقاليد الحكم لحضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، وكان قبلها قد صرح تصريحه الشهير لصحيفة نيويورك تايمز بأن سمو الشيخ تميم يدير ٨٥٪ من مقاليد الحكم في البلاد. هذا الانتقال الفريد للسلطة ظن البعض أنه سيكون امتدادا لفترة حكم أولى، وسيقتصر على أتممة المشاريع التي بدأها سمو الأمير الوالد، وكانت فعلاً في بعض المشاريع الكبرى، لكنها أيضا صنعت مشاريع وإنجازات عظيمة جديدة للدولة بقيادة سمو الأمير. كان يمكن للأتممة أن تستمر بهدوء لولا أن التحديات الجديدة كانت مختلفة، بداية من الأزمات السياسية مثل أزمة سحب السفراء أو الأزمة الخليجية الحالية ومن ثم وباء كورونا الذي عصف بالعالم. ما حدث خلال السنوات الماضية وطريقة قيادة البلاد في كل أزمة يثبت لنا أننا أمام تجربة قيادة دولة بطريقة استثنائية، وأن فكرة عدم الاكتفاء باستكمال ما تم من مشاريع كان قراراً صائبا من سمو الأمير، واليوم نحن نجني ثمار هذا العمل الاستثنائي الجديد، والقيادة التي مكنت وتمكنت. وبنفس الروح المحبة لقطر الأرض والشعب، أقر سمو الأمير انتخابات مجلس الشورى، في استكمال لوعد قطع وعمل يعلم سموه الأثر الإيجابي الذي يمكن أن يصنعه في ادارة الدولة، فاستفراد الحكومة بإدارة الدولة دون سند أو رقيب أو منافس أمر لن يكون صائباً على المدى الطويل. ونحن في قطر نحتفل هذه الأيام باليوم الوطني للدولة، اليوم الذي يجدد فيه الجميع الولاء والانتماء، وبعد كل ما مررنا به من أزمات وتحديات خرجنا منها بهامة مرفوعة وسالمين كان لا بد أن يكون الشكر كبيراً لمن يستحقه، فكان شعار "نحمدك يا ذا العرش" شعارا صائبا في فترة مهمة. الدول الذكية هي التي تتعاطى مع محيطها بما يحافظ على سيادتها وقوتها، لهذا كانت قطر منذ أن بناها الآباء المؤسسون متفردة في هذا الأمر، لعلمهم أنها لا يمكن أن تصنع هذه الدولة بمساحتها الجغرافية والكتلة البشرية إلا بأرضية صلبة من العزة والكرامة. لهذا فإن التحدي القادم في بلادنا لن يكون الاحتفاء بما تم، بل البناء عليه وفق ما يناسب عصرنا، وأجيالنا القادمة، ولنا في تجارب الآخرين التي تناسب ديننا وعاداتنا وتقاليدنا وثقافتنا الفائدة، وما دون ذلك البعد عنه وعدم الانجرار خلفه. لقد حرصت الدولة منذ سنوات طويلة على بناء المواطن الواعي والمنتج، واليوم ونحن نحتفي بالوطن في يومه السنوي، علينا أن نسأل، كيف يمكن أن أعكس ما قام به سمو الأمير الوالد من جهد وتعب وما حلم به من طموح وأحلام، وكيف يمكن أن أحول ما قام به سمو الأمير المفدى من قيادة وتحد وما تطلع ونادى به من عمل واجتهاد، كيف يمكن أن أحول ذلك بما يعود بالنفع على الوطن أولا، ومن ثم المواطنين، ومن ثم علي كمواطن. إننا في مرحلة البناء على ما تم، وليس هناك بناء يمكن أن يشارك فيه المواطن بفخر مثل بناء دولته، والبناء هناك يتم وفق ما جاء في خطابات سمو الأمير من توجيهات سامية في خطاباته التي وجهها للشعب في مجلس الشورى. علينا جميعاً أن نراجع القادم، فقد كاد المحيط أن يفتك بنا، وقد كاد العالم أن يتحول لغابة في كورونا، علينا أن نعيد صياغة التفكير في عالمنا ما بعد كورونا، أو في عالمنا مع أزمات قادمة غير متوقعة، أعلم جيداً أن الدولة بمشاريعها الاستراتيجية ومشاريع المخزون والأمن الغذائي وغيره تفعل ذلك، لكن المهم أن يصل هذا الوعي لكل مواطن، وأن يشارك كل مواطن في هذا البناء عندما يأتي دوره لانتخاب من يمثله مستقبلاً. على مدى سنوات طويلة كنت شاهداً على مبادرات ورغبات سامية كثيرة لخدمة الوطن والمواطن، ولا تزال، لدينا قيادة تحلم وتحقق، ترغب وتتطلع، وعلينا جميعاً أن نكون بقدر هذا الحلم والرغبة. قطر التي سنتركها لأبنائنا وأحفادنا لا يجب أن تكون هي نفسها التي سلمنا إياها آباؤنا وأجدادنا، هذه مسؤولية تاريخية على كل جيل، وكل مواطن، علينا أن نؤمن به ونساهم في تحقيقه، لأن قطر تستحق الأفضل منا.. في كل وقت وحين. [email protected]