13 سبتمبر 2025

تسجيل

حقائق من حرائق العالم

15 ديسمبر 2015

اختتمت في العاصمة الفرنسية باريس السبت الفائت القمة العالمية للمناخ شاركت فيها 195 دولة، حيث أقرت الدول اتفاقا تاريخيا لمكافحة الاحتباس الحراري الذي يهدد كوكب الأرض بكوارث مناخية وبيئية عديدة، وينص على خفض صافي الانبعاثات إلى أدنى حد بهدف تحقيق التوازن بين الانبعاثات وبين عمليات إزالتها، وسيكون الخيار الأفضل هو الاعتماد على الطاقة النظيفة وبأقل تكلفة. الرئيس الأمريكي باراك أوباما بارك الاتفاق وأشاد به، بعد سنوات طويلة من المفاوضات الشاقة، ابتداء من بروتوكول "كيوتو" الذي عقد في اليابان عام 1997 حيث طلب من الدول الكبرى المشاركة الالتزام بخفض جماعي لانبعاث الغازات الضارة بالبيئة بمعدل يزيد على خمسة بالمائة لكي تكون التغيرات التي تطرأ على المناخ ضمن الحدود المعقولة والتي يمكن التأقلم معها، ولكن الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش قرر التراجع عن الاتفاقية منذ توليه الرئاسة الأولى بعد ثلاث سنوات من كيوتو، حيث برر ذلك بأن الاتفاق يلحق ضررا بالصناعات الأمريكية للتخلي حينئذ أكبر دولة ملُوثة عن واجبها في الحد من أخطر العوامل التي تهدد الحياة على الكرة الأرضية.في بداية القرن الحالي عُقد في مدينة بون بألمانيا 2001 مؤتمر للمناخ في ظل خلافات شديدة بين الولايات المتحدة التي كان تقدر مساهمتها بالتلوث البيئي بخمسة وعشرين بالمائة من حصة العالم، مقابل عدد سكان لا يتجاوز 4 بالمائة حينها، وكان ناشطون في مجال حماية البيئة يقدرون نسبة التلوث حتى نهاية القرن الحادي والعشرين بنسبة 40 مليار طن، حيث قدر حجم الانبعاث في بداية العام 2001 بسبعة مليارات طن من الغازات، ولكن الكارثة أنه بعد اثني عشر عاما احتلت الصين المرتبة الأولى كأكبر بلد ملوث في العالم، حيث أطلقت ما مقداره 8.1 مليار طن من غاز ثاني أكسيد الكربون عام2013 في الجو.اليوم، وبالمناسبة لست متخصصا في قضايا البيئة ولكن من باب العلم، فإن ما شهدناه في حوض البحر المتوسط من تغير مناخي لم يسبق لأحد أن توقعه خصوصا ارتفاع درجات الحرارة بشكل كبير، يدلل على أهمية التركيز على قضايا المناخ، والبدائل المتوفرة بفضل التقدم التكنولوجي للسيطرة على هذا الانهيار المتسارع بطبقة الأوزون، ولكن من خلال قراءة في نتائج دراسات أممية متعلقة بالبيئة، نقرأ معلومات صادمة عما خلفته لنا سياسات الدول الصناعية الكبرى من ملوثات. فقد سُجلت ستة أنواع من الغازات الدفيئة المتسببة بالاحتباس الحراري حسب الإدراج الرسمي في برتوكول كيوتو، ولكن المعلومة الطريفة جدا أنه في فرنسا لوحدها يشكل 57% من غاز الميثان أحد ملوثات الهواء فإن مصدره فضلات وغازات الماشية خصوصا الأبقار، بينما تم جمع 1750 مليار طن من النفايات البلاستيكية حيث كانت تطفو على سطح مياه المحيط الأطلسي، فيما استخدمت الولايات المتحدة خلال العشر سنوات الماضية 946 مليار لتر من المياه في عمليات استخراج الغاز الصخري والعمليات الأحفورية، والمدهش أن خوادم الحواسيب والكمبيوترات المحمولة تنتج 7 جرامات من غاز ثاني أكسيد الكربون في كل حركة بحث عبر جوجل، وهذا بالطبع حسب دراسات أممية. فيما يموت ثلاثة ملايين وثلاثمائة ألف إنسان جراء تلوث الهواء سنويا، يقابلهم 8 بالمائة من فصائل الحيوانات المهددة بالنفوق جراء ارتفاع الحرارة 3 درجات وأكثر عام 2100، وتم إحصاء 91 إعصارا ضرب العالم في العام 2014 نتيجة ظاهرة الاحتباس، كما سجل شهر يوليو 2015 أعلى درجة حرارة في التاريخ بنسبة 16.61 درجة حسب الوكالة القومية الأمريكية للمحيطات والغلاف الجوي. الأمر الصادم أن العالم يخسر كل يوم 86400 كيلومتر مربع من الغابات يوميا، ولكن بفضل مكافحة إزالة الغابات انخفضت نسبة انبعاث الغازات الدفينة إلى أقل من 25% ما بين عامي 2001 وعام 2015، فيما سجلت مياه البحار زيادة سنوية بمعدل 3.2 مليمتر منذ عام 1993 نتيجة ارتفاع الحرارة وذوبان الجليد، وتتكبد شركات التأمين خسائر تقدر بـ50 مليار دولار نتيجة الكوارث الطبيعية وتغير المناخ، وسيكون أكثر من عشرة ملايين شخص عرضة للفقر عام 2050 نتيجة الاحتباس الحراري، والخاتمة في استهلاك العالم لثروات ومنتجات الأرض حيث سجل العام 2015 أن منتجات عام كامل قد استهلكت بوقت قياسي يعادل 224 يوما.العالم العربي للأسف رغم امتلاكه لثروات أرضية هائلة وإمكانات بشرية محترمة وعقول مبدعة، سيبقى يعاني على جميع الوجوه وليست الحروب والتخلف السياسي والاقتصادي فقط، بل وحصتنا من نتائج الانحباس الذي تسببت به الدول العظمى على حسابنا، ثم تضعنا في كفتها لدفع 100 مليار دولار عام2020، وبينما العالم منشغل بإنقاذ الكوكب، لا نزال نحن نؤز نار الخلافات والحروب والقتل والدمار بين شعوبنا التي لم يمض على تفرقها بين الدول أكثر من تسعين عاما، وعلينا اليوم أن نعيد ترتيب أولوياتنا للحفاظ على مستقبل أجيالنا القادمة في بيئة خالية من كل أشكال التهديد والترويع وإفساد أرض الله.