17 سبتمبر 2025

تسجيل

سيزيف .. ألبير كامو

15 ديسمبر 2013

فى المقال الماضى تعرضنا لأحد أهم المسرحيات التى كتبها صاحب نوبل فى الآداب ألبير كامو والتى كتبها فى 1938 وتنبأ فيها بسقوط هتلر .. واليوم نتعرض لأحد أهم رواياته التى كتبها فى بوردو عام 1942 وهى " أسطورة سيزيف " التى أصبحت منهلا لكل النقاد فى العصر الحديث وتعبيرا عن المشقة التى يلقاها البشر فى حياتهم مما جعلها تجسيدا بأن الله خلق الإنسان فى كبد . ولعل كتابات ألبير كامو تظهر لنا ولعه بالثقافة الاغريقية كما شاهدنا فى مسرحية كاليجولا .. من هو سيزيف ؟ وما هى حكايته ؟ بحسب الميتولوجيا الأغريقية يعد سيزيف أو سيزيفوس بالاغريقية من أكثر الشخصيات مكرا واستطاع أن يخدع إله الموت عند الاغريق واسمه " تاناتوس " مما أغضب الآلهة عليه فكان أن عاقبته بالعذاب الأبدى والمتمثل فى حمل صخرة من سفح جبل والصعود بها إلى القمة .. وقبيل بلوغه قمة الجبل بقليل ما تلبث الصخرة أن تسقط متدحرجة إلى السفح مرة أخرى مما يضطر سيزيف إلى حمل الصخرة والصعود بها محاولا بلوغ القمة من جديد .. ولكن هيهات .. لقد كان عذابه أبدياً .. ويرى فيه ألبير كامو الإنسان الذى قُدر عليه الشقاء الأبدى .. ولعل فكرة الرواية " الأسطورة " تتفق مع أدبيات نهايات القرن العشرين والتى تحول فيها العالم إلى قرية صغيرة بفضل تقدم وسائل المواصلات وتقنية الاتصالات فكثرت الأسفار والهجرات من مكان إلى آخر .. وكان أن انعكس ذلك فى الكتابات الأدبية .. ويحضرنى الآن تعبير أحد كبار الكتاب الصحفيين الذى عبر عن تلك الحالة فى إحدى مقالاته بجريدة الأهرام إذ يقول أنه سافر بعيدا ليطارد أحلامه التى لا تجئ .. أوليس الإنسان فى العصر الحديث هو نفسه سيزيف الأسطورة الاغريقية الذى خلقه الله فى كبًد ؟ وهذا نفسه يتوافق مع فكر ألبير كامو المبنى على العبثية والتمرد .. التمرد على اللامعقول مع البقاء غائصا فى الأعماق معانقا للعدم .. بل إن كامو ذهب إلى أبعد من ذلك معتبرا أن العبثية والتمرد هما ما يضفيان على الحياة قيمتها .. وهذا أيضا يتناغم مع فكر جان بول سارتر الذى التقى به ألبير كامو لأول مرة عام 1943 فى حفل افتتاح مسرحية " الذباب " .. وبسبب هذا التقارب فى وجهات النظر نشأ بينهما تفاهم تحول إلى صداقة متينة .. وسنتعرض لهذا لاحقا بإذن اللة . والجدير بالذكر أن ألبير كامو حصل على جائزة نوبل فى الآداب من أجل مجموعة مقالات انتقد فيها عقوبة الإعدام فضلا عن مؤلفاته الكثيرة والقيّمة التى بدأها ببحث فى الأفلاطونية عام 1936 بعد حصوله على إجازته فى الفلسفة بعام واحد وحتى وفاته فى حادث سيارة عام 1960 . من أقوال ألبير كامو : الحقائق الأولية هى آخر ما نكتشف . لطالما كان رخاء الشعوب حجة الحكام المستبدين . تمرد .. توجد . وإلى لقاء قادم بحول الله . بقلم : د . مصطفى عابدين شمس الدين . E mail : [email protected]