10 سبتمبر 2025
تسجيلالتحايل على القانون يحدث عندما يتجاوز أو يلتف أي فرد أو جماعة على قانون معين أو مجموعة من القوانين من أجل تحقيق المصلحة الذاتية للفرد أو الجماعة، دون مراعاة لمصلحة الجميع. وهناك طرق عديدة للتحايل على القانون والأكثر شيوعا منها في الغرب هو عندما يحاول بعض الساسة التحايل على قوانين الانتخابات خاصة فيما يتعلق بتمويل الحملة الانتخابية. وفي قطر أيضا، يجد بعض الأفراد أو المؤسسات في الحكومة أو القطاع الخاص طرقاً يتم من خلالها التحايل على القانون. فعلى سبيل المثال لا الحصر، نذكر برنامج التقطير. فوفقا لسياسة التوظيف في المؤسسات والهيئات الحكومية، يجب الحد من توظيف الأجانب في الوظائف الإدارية التي لا تتطلب مهارة عالية المستوى، على أن تعطى الأولوية في التعيين للمواطنين القطريين لهذا النوع من الوظائف. وما يحدث أحيانا هو قيام بعض المؤسسات والهيئات الحكومية بمحاولة تجاوز هذا القانون عن طريق التعاقد مع الموظف الأجنبي تحت مسمى وظيفي آخر، مبينة أنه سيعمل في وظيفة تحتاج إلى مهارات وخبرات عالية. وعلى ضوء ذلك يذكر في عقد العمل الموقع بين الطرفين، أن الموظف الجديد سيقوم بعمل مستشار أو أكاديمي أو فني ذي خبرة عالية، بينما في الواقع يعمل هذا الموظف في وظيفة إدارية فقط. ومثال آخر على التحايل على القوانين في مسألة الفحص الطبي أو إصدار التأشيرات، عندما لا ينجح بعض الأفراد في الفحص الطبي أو يتم رفض إصدار تأشيرة لهم من قبل إدارة العمل، تقوم الجهات المستقدمة بجلبهم عن طريق تأشيرات الزيارة، وبعد انتهاء المدة، يغادرون البلاد لبضعة أيام ثم يعودون في وقت لاحق بنفس الطريقة بتأشيرة زيارة جديدة. وليس التحايل مقتصرا على الوظائف والتأشيرات فقط، بل أصبح أيضا منتشرا في المجالات التجارية، مثلا في الشركات الخاصة التي فرض القانون أن تكون حكرا على القطريين فقط، أو في بعض الشركات التي تكون بنسبة 51? للقطريين و49? للأجانب، بينما يقوم الطرفان بتوقيع عقود جانبية تظهر أن الشركة مملوكة 100? للأجنبي، ولكن تؤسس الشركة وتقيد في السجل التجاري على أنها مملوكة للقطري بنسبة 100?، بينما هي ملك للأجنبي، وذلك فقط لتفادي دفع الضرائب للدولة. وهنا لا بد من الإشارة إلى أن التحايل على القانون يحدث في جميع الدول وعلى جميع مستويات المجتمع، لكنه متفش بشكل خاص لدى الأفراد الذين يتبوءون وظائف مهمة أو يكونون في موقع سلطة في المؤسسات والهيئات الحكومية. فما هي الآلية التي يجب على الحكومة أن تتبناها من أجل منع هذا التحايل؟ خاصة أن دولة قطر في طليعة الدول التي تحارب الفساد وتنص القوانين التي تسمح بمزيد من الشفافية في الحكومة، وتتعاون في هذا الصدد مع المنظمات الدولية مثل الأمم المتحدة. وفي نفس السياق، قامت الدولة مؤخرا بإنشاء الهيئة التنظيمية الخاصة "هيئة الرقابة الإدارية والشفافية" باعتبارها الجهة الرقابية المسؤولة عن مكافحة الفساد والتي من شأنها المراقبة والتدقيق عن كثب على مختلف الوزارات والمؤسسات والهيئات الحكومية للتأكد من أنها تعمل بكل شفافية وأن المسؤولين في هذه الوزارات والهيئات لا يسيئون استخدام الأموال العامة أو السلطة الإدارية. وهذا مؤشر جيد وخير دليل على أن قطر جادة في التصدي للفساد، ليس فقط على الصعيد الدولي، بل أيضا على الصعيد المحلي. وحيث إن الدولة جادة في معالجة مشكلة الفساد، لذلك يتوجب على الحكومة أن تعطي الدعم الكامل لهذه الهيئة من أجل إنشاء آلية تمنع ممارسة التحايل على القانون. وينبغي على الهيئة أيضا أن تأخذ زمام المبادرة لإطلاق حملة ضد الفساد والتحايل خصوصا أن هذا النوع من العمليات لا يمكن أن ينجح دون دعم ومساندة الحكومة. من خلال وجود أداة تسمح للهيئة بتعقب انتهاكات القوانين وممارسات التحايل، فهذا بالتأكيد سوف يقلل من هذه الممارسات ويقطع الطريق على المتحايلين على القوانين، مما يتصدى لجميع أنواع وأدوات وآليات الفساد قبل تفشيه. وفي هذا الخصوص قال الرئيس المنتخب حديثاً في تونس منصف المرزوقي، ذات مرة، إن الفساد موجود في كل المجتمعات، وهو مثل العشب السيئ الذي ينمو وتصعب إزالته. لذا المهم أن يكون هناك جهاز أو آلية يمكن أن نقطع بها هذا العشب السيئ بحيث لا يتعدى على الحديقة ولا يعاود الظهور مرة أخرى. الإسلام، كدين، يدين الفساد وممارسة التحايل على القانون. إذن يجب علينا كشعب مسلم أن نضع موضع التطبيق هذه القيم الإسلامية التي تدعو للمكافحة ضد هذه الأنواع من الممارسات غير الأخلاقية لأن مصلحة الجماعة قبل مصلحة الفرد. رئيس تحرير جريدة البننسولا [email protected]