10 سبتمبر 2025
تسجيللا يقتصر دور المثقف والمفكر والمصلح في المجتمعات على نشر المعرفة والأفكار، إنما يتعدى الأمر إلى السعي إلى إصلاح المجتمعات وتبيان الحقائق ومعالجة القصور ومكافحة الفساد والسعي إلى نصرة المظلومين والمقهورين ومواجهة الطغيان بأنواعه السياسي منها والاجتماعي والاقتصادي والدفاع عن المبادئ المثلى. لكن ما يلفت النظر ويثير الإعجاب بل الاشمئزاز أن هناك من يدعون الثقافة العليا وارتقاء المناصب الاستشارية يميلون كل الميل مع رأي سلطة ما أو توجه ما دون تفكير منهم حول جدوى تلك الأفكار والآراء، فهم لا يقيمون وزناً إلا للمال والجاه والسلطة والحظوة لدى السلطان، ضاربين بكل المبادئ والقيم عرض الحائط، ويجعلون من الافتراءات منهجاً لهم ويجعلون من المنابر الإعلامية (التي أتيحت لهم من قبل بعض الإدارات للأسف) منبراً لهم في عرض طعوناتهم وأكاذيبهم على الشعوب العربية حماية لأمر ما. وعلى سبيل المثال فهذه الحرب الدائرة على أهلنا في غزة أخرجت لنا في الخليج رؤوساً تدعي الثقافة تنادي بعدم الوقوف مع الشعب الفلسطيني وأهل غزة بالتحديد وتستهزئ بالمقاومة المشروعة تجاه المحتل الصهيوني، وتطعن في مصير أطفال المسلمين - الذين تتفطر القلوب لرؤيتهم - وتستهزئ بتسمية (الشهيد) وإطلاقه - ظنا منا بكرم الله - على كل من يقتل بنيران العدو الصهيوني، فتجدهم يلوكون بألسنتهم الكذب والطعن بالمقاومة المشروعة. ومن هوانهم على الناس أنهم إذا سُئلوا عن مواقف متشابهة في ظروف مختلفة فإنهم يقعون في التناقض الشديد، فكأنهم يقولون أينما كانت دائرة الحظوة والمنفعة في مكان ما فنحن معها دون النظر إلى العواقب. فلا ينبغي لأهل الحق النظر إلى هؤلاء مدعيّ الثقافة الذين يبيعون ضمائرهم لمصالحهم الشخصية ومنافعهم وعلاقاتهم المشبوهة، فالحق لا يعرف بالرجال إنما يعرف الرجال بالحق. ويرجع الأمر أيضاً إلى ما يسمى بهشاشة المثقف الذي يبيع ضميره، ويعرضه لسلوك الخيانة العظمى في بعض الأحيان، فعندما يسيل لعابه لمغريات أصحاب النفوذ فيستخرج حينها ألف عذر لعمل ما يلزم من ترويج لأفكار سلبية أو أكاذيب باهتة من أجل منافعه الخاصة حتى لو عرضه ذلك لخيانة وطنه وشعبه وملته ومنطلقاته وميراثه.