15 سبتمبر 2025
تسجيليزداد الصوت العربي المطالب باتخاذ خطوات عملية نحو قطع النفط والغاز عن الغرب لإجبار الكيان الصهيوني، في خطوة تذكر بما حدث في عام 1973 عندما قام الأعضاء العرب في أوبك ومصر وسوريا بإعلان حظر نفطي لدفع الدول الغربية لإجبار العدو الصهيوني على الانسحاب من الأراضي العربية المحتلة في حرب 67. نحن في عام 2023، فهل يعتبر هذا الطلب في المستطاع حتى يُطاع ؟، الحقيقة أن الجواب يحتمل وجهتين لا ثالث لهما. الوجه الأول أن تصدر الدول العربية قراراً بحظر تصدير النفط عن الغرب، أو على الأقل الدول التي وقفت وقوفاً فاضحا ومشيناً مع الكيان الصهيوني، وهذا الحل يراه البعض مكلفاً على المستوى البعيد، لا يمكن اتخاذه في هذا الوقت مع حالة التغير التي تصاحب العالم في الانتقال إلى مصادر أخرى للطاقة لا تعتمد على النفط، وفي وضع يعاني فيه العالم أجمع ومنها الدول العربية من أزمة سياسية خانقة، لكنه مطلب مهم ولن يجري على العرب أكثر وأكبر مما يجري على أهلنا في غزة. الوجه الثاني يرى أنه طلب غير منطقي في عالم تغير كثيرا عن تلك الحقبة، فلم يعد الوطن العربي في حالة حرب وعداء واضح مع الكيان الصهيوني، وليس هناك دعم من الغرب للكيان الصهيوني لغزو دول عربية متعددة كما كان الحال بالنسبة لمصر وسوريا والأردن.. وفلسطين. لكن الحقيقة المؤلمة أن هذه الأسباب كلها واهية، المشكلة الحقيقية التي يعاني منها العرب ليست المخاوف أعلاه، بل الخشية من الطعن من الخلف من الشقيق العربي، وغياب قرار عربي موحد أو بالإجماع يمكن أن يلتزم به الجميع، وأي قرار من هذا النوع لا يكون فيه وئام عربي تام وقدرة كاملة في اتخاذه فإن أي مجموعة أخرى ستتفق عليه تعرض نفسها لأكبر خطر عليها في العصر الحديث. الاعتراف بالحقيقة فعل نبيل، لهذا فالاعتراف بأن ضعف أمتنا ككتلة واحدة هو السبب الرئيسي في عدم اتخاذ أي قرار مهم عربي فيما يتعلق بغزة حتى الآن، للأسف لا يستطيع أحد أن يلبي هذا الطلب الآن، وخطورة عدم القدرة على تلبيته أكبر بكثير «إن كانوا يعلمون» من القدرة عليه. إننا أمام واقع مؤلم يقول إن مصر مثلاً تنتظر موافقة صهيونية لتشغيل المعبر الذي يقع على أراضيها ويربطها بدولة عربية أخرى، وإن سوريا تخشى من أن تطأ رجل أي مواطن سوري أراضي الجولان فيعكر صفو الصهاينة، ولبنان تخشى أن يقوم حزب الله بأي عملية دفاعية ويدفع الثمن غالياً، والعرب جميعاً يخافون من اتخاذ أي قرار قد يلتف عليهم شقيقهم العربي لتحقيق مصالح فردية على حسابهم فيدفعون الثمن غالياً. كل ما نملك من ثروات وقدرات وعلاقات لم تسمح لنا أن يرتقي خطابنا إلى نصف مستوى الخطاب الإيراني أو التركي أو البلجيكي أو الإيرلندي المعارض وغيرهم الكثير، رغم أن المعتدى عليهم عرب ودولة عربية، ومسلمون ودولة مسلمة. غزة لا تكشف أننا نعاني من الضعف الفردي في اتخاذ القرار، ولا الفشل الجماعي في الخروج بموقف، بل بهوان كبير على كل الأمم، التي ستصفنا يوماً بما وصفت فيها أبطال فلسطين، وستقف ضدنا في كل محفل، وكل موقف، وكل مطلب، لعلمهم أننا لم يعد يحرك لنا ساكن، ولم يعد لنا حتى الصوت الذي كان يميزنا. وكأني أرى الصهاينة مع كل اجتماع للعرب، وكل قمة، وكل بيان يقولون كما قال جرير: أبشر بطول سلامة يا مربع.