14 سبتمبر 2025

تسجيل

كن قائداً لا مديراً " صفات القائد " (5)

15 نوفمبر 2020

"كان خُلُقه القرآن " تخيل معي عزيزي القارئ أن تكون من ضمن فريق عمل أو موظف في جهة عامة أو خاصة ويكون المسؤول عليك أو مديرك أو لنقل قائد هذه المنظومة يتمتع بأخلاق قرآنية وشخصية مؤثرة تجعلك تعمل بكل إخلاص وولاء ليس حباً في العمل فحسب، وإنما إيمانا منك بصدق أهدافه ومقاصده، حتى تصل إلى مرحلة أنك تقول لقائدك فداك أبي وأمي، هل تعتقد أنك ستفضل أن يرأسك قائد آخر؟. إن أفضل قائد يمكن الاقتداء بصفاته القيادية واتباع إستراتيجيته وأسلوبه في إدارة جميع الأمور بحنكة وحكمة هو سيد الخلق المصطفى سيدنا وحبيبنا وإمامنا محمد - رسول الله صلوات الله وسلامه عليه -، الذي امرنا المولى عز وجل التأسي والاقتداء به، قال تعالى ( لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً) "سورة الأحزاب 21"، فقط استطاع هذا النبي الأمي في سنوات قليلة من عمر الزمن أن يوحد صفوف القبائل العربية المتناحرة ويساوي بين أتباعه على اختلاف أجناسهم وأصولهم تحت لواء واحد هو لواء -لا إله إلا الله محمد رسول الله- نشر من خلاله في كافة أقطار المعمورة كلمة الحق التي أمنوا بها وصدقوها فدأبوا العمل بمقتضاها منذ عصر النبوة حتى قيام الساعة. ولعل أهم صفة من الصفات القيادية على الإطلاق التي لابد أن تتوافر في القائد الناجح والمؤثر هي الصدق، فهذه الصفة التي اقترنت بالأمانة لدى رسول الله حتى أصبح يلقب بهما فهو الصادق الأمين، صادق وأمين في أقواله وأفعاله وتعاملاته. وقد أمرنا رسول الله بالصدق وتحريه في الأقوال والأفعال، ففي "الصحيحين" من حديث عبدالله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال: إن الصدق يهدي إلى البر وإن البر يهدي إلى الجنة وإن الرجل ليصدق حتى يكتب عند الله صديقاً، وإن الكذب يهدي إلى الفجور وإن الفجور يهدي إلى النار وإن الرجل ليكذب حتى يكتب عند الله كذاباً. إن القائد الصادق يعطي قدراً كبيراً من الأمان والمصداقية والوضوح والراحة في التعامل معه، فهو لا يظهر عكس ما يبطن ويترفع عن الخداع والمراوغة والتلاعب بالآخرين. ولطالما اقترنت الشجاعة بالصدق، فالكاذب جبان، لأنه لا يستطيع أن يواجه الحقيقة فيتهرب من المواقف بالكذب والتحايل والخداع، فيخسر ثقة الآخرين واحترامهم له مما سيؤدي حتماً إلى فقدان الولاء والطاعة له. إن الصدق في القول والتعامل يعزز التكامل والتعاون بين القائد واتباعه في العمل، فتجدهم يؤمنون جميعا بصدق ونزاهة القائد في تحقيق الأهداف فيعملون كمنظومة واحدة متلاحمة نحو أهدافهم المشتركة. يقول ابن القيّم الجوزي " والصّدق ثلاثة: قول وعمل وحال. فالصّدق في الأقوال: استواء اللّسان على الأقوال كاستواء السّنبلة على ساقها. والصّدق في الأعمال: استواء الأفعال على الأمر والمتابعة، كاستواء الرّأس على الجسد. والصّدق في الأحوال: استواء أعمال القلب والجوارح على الإخلاص. واستفراغ الوسع وبذل الطّاقة. فبذلك يكون العبد من الّذين جاءوا بالصّدق. وبحسب كمال هذه الأمور فيه وقيامها به تكون صدّيقيّته. إن مآلات الصدق في شخصية القائد كثيرة وعديدة ولعل من أهمها الشجاعة، فقلما تجد شجاعا كاذبا، فصدقه مع نفسه ومع الآخرين تحتم عليه الشجاعة في مواجهة حتى أصعب المواقف. وهذه الصفة تقودنا إلى الحديث عن الشجاعة كصفة مهمة من صفات القائد الناجح سوف نلقي عليها الضوء في مقال الأسبوع القادم بإذن الله. @drAliAlnaimi