11 سبتمبر 2025
تسجيلتحتل قطر مركزاً متقدماً لأعلى دخل للفرد ويتمتع المواطن القطري براتب عالٍ مما يعني قدرة الفرد على توفير احتياجاته المعيشية، وكذلك قدرته على التوفير من الراتب الشهري، ولكن للأسف الواقع غير ذلك بالمرة، وذلك بسبب الغلاء والإسراف سأحاول أن أركز على كل سبب على حده: السبب الأول: غلاء المعيشة ويبدأ من الاحتياجات الرئيسية من مواد غذائية وتموينية وسلع شرائية وينتهي بالأراضي والعقارات، فلا أجد مبرراً للتباين في أسعار السلع الشرائية والأطعمة مثل الحلويات والملابس المصنعة محليا التي تصل لثلاثة أضعاف قيمتها عن الدول المجاورة. ولو افترضنا بأن السبب هو دفع التاجر لإيجار المحل والرواتب وغيرها من الرسوم الشهرية، فإن ذلك يرجعنا لنقطة الغلاء في إيجارات العقارات، نظراً لقلة العرض على العقارات التجارية، مما يزيد الطلب ويؤدي لغلاء الأسعار. وقد اقترحت سابقاً بأن تقوم الدولة باستغلال أراضيها في عمل مجمعات تجارية راقية بأسعار معقولة تزيد من العرض فيقل الطلب فتنخفض الأسعار، والحل أيضا بزيادة الشوارع التجارية، مما يؤدي لنفس النتيجة، ونرجع لنفس النقطة وهي غلاء السلع الشرائية والأطعمة، فكما ذكرت بأن التجار يكون عليهم مصاريف كثيرة تستنزف الأرباح، ولكن ماذا عن الأعمال التجارية المنزلية، فلا يوجد مبرر لهذا الغلاء، إلا في ثمن السلع التموينية التي يتم استخدامها في تحضير الأطعمة والتي تستطيع الدولة المساعدة بدراسة إمكانية تخفيضها، وكذلك غلاء أسعار الخدمات مثل تنظيم الأفراح وإيجار القاعات فأسعارها مبالغ فيها جدا مقارنة بالدول الأخرى والتي تقدم خدمات أفضل وبأسعار أقل بكثير. وأكبر استنزاف مادي يكون بتوفير المأوى لأفراد الأسرة وهو أحد العناصر الأساسية في الاحتياجات المعيشية ويكون الاستنزاف بسبب غلاء العقارات سواء الإيجار أو الشراء، فكما نعرف بأنه للأسف حتى الآن لم يُفعّل قانون إسكان المرأة، مما يجعلها مستنزفة ماديا نظرا لحاجتها لتوفير سكن لها، ومنها المطلقة والأرملة والتي تعدت سن الزواج وتحتاج لخصوصية فتقوم بشراء أو استئجار منزل لها والمتزوجة من غير القطري. السبب الثاني: الإسراف هناك بعض الأسر لا تربي أبناءها على الحرص على توفير المال وتوظيفه بالمكان الصحيح، ولكنهم على العكس يغالون بإظهار قدرتهم على شراء السلع الاستهلاكية بدون حاجة مثل شراء الساعات والشنط والأحذية والسيارات الفارهة، وأنا شخصياً لا أفهم حاجة الفرد لشراء سلع استهلاكية تستنزف أموالي لأظهر بمظهر الغني أمام الأقران من فتيات وشباب. إنني مع أن الإنسان يشتري ما يحتاج، ولكنني ضد المغالاة في ذلك، وهنا يكمن دور الوالدين في تعليم أبنائهما ذلك، فتكون لديهم الساعات والشنط والأحذية وغيرها، ولكنهم يقتنونها خلال فترات من الزمن، ولا يفعلن مثلما فعلت إحداهن التي اقترضت مبلغاً كبيراً من المال وصرفته لتشتري عدداً من الشنط والأحذية لتستطيع لبسها في الدوام! ناهيك عن الأفراح والتي تظهر فيها مظاهر الإسراف والمغالاة في كل شيء ابتداء من الأسعار والتكلفة إلى عدد المطربين وتوزيعات العرس الخ..، وللأسف كلما غلت الأسعار كان هناك من يدفع مما زاد من جشع مقدمي هذه الخدمات، ولكن كان لانتشار فيروس كورونا أثر إيجابي في تقليل تكاليف الزواج الى أقل من الثلث، لذلك لاحظنا ارتفاع عقود القران في هذه الفترة نظرا لاستغلال الشباب عدم القدرة على إحياء الأفراح في صالات الفنادق، فرأينا الأعراس الجميلة العائلية التي تقام في المنازل وشعر الناس بالفارق الكبير في توفير الأموال. إن الغلاء والإسراف هما السببان الرئيسيان في عدم قدرة الفرد على الاستمتاع بالرفاهية التي من المفروض أن يوفرها له الراتب، وهما السبب الرئيسي في حدوث العجز في ميزانيته، والغلاء ممكن للمسؤولين حله بعدة وسائل خصوصا لتأثر شرائح كبيرة من المواطنين، وبالأخص المتقاعدين والمواطنات عن طريق عمل دراسة تبحث في الأسباب والحلول، وأما فيما يختص بالإسراف فأدعوا خطباء المساجد والمدارس والآباء والأمهات بالقيام بدورهم التوعوي بهدف تطوير فكر الأبناء والبنات وجعله أكثر عملية وأقرب للدين، فمثلا تكلفة زراعة قرنية لعين أحدهم 5000 ريال تخرجه من العتمة الى النور ولا يستطيع إجراءها بسبب الفقر، فلكم أن تتخيلوا عدد البشر الذين ستساعدونهم مقابل استغنائكم عن شراء حقيبة من الجلد الطبيعي تحمل شعار إحدى الماركات العالمية وشراء واحدة من نفس الماركة ولكن من الجلد العادي، ويكون الفرق هو دفع تكاليف عدد من عمليات زرع القرنية وإعادة النظر لعدد من البشر. [email protected]